أطفالنا والعمل الخيري والإنساني

بقلم – د. عثمان عبد العزيز آل عثمان

يتفاوت أطفالنا في حبهم ونظرتهم للعمل الخيري والإنساني، تبعاً لما تعلموه من معانٍ عما يحمله لهم في حياتهم الدنيا والآخرة من خير وثواب، وكذلك تبعاً لطريقة تربيتهم وتعويدهم من قبل الوالدين، وحثهم على المشاركة في العمل الخيري منذ الصغر، وكون الوالدين قدوة حسنةلأبنائهم، ونموذجًا يقلدونهم في أعمالهم واهتماماتهم، وبقدر ما يكون عليه الأب والأم من ثقافة وإبداع وقدرة على التغلب على معوقات وصعوبات العمل التطوعي، وما تحمله الحياة من مصاعب وهموم،
وقد ربى رسولنا -صلى الله عليه وسلم- صحابته الكرام على البذل والعطاء والتطوع، فكانوا جيلاً فريدًا لم يظهر مثله في التاريخ، فقد بذلوا حياتهم وأموالهم وأوقاتهم، وتطوعوا بكل ما يملكون، ولعل التاريخ يسطر بحروف من نور تطوعهم، كيف لا، وقد رؤوا نبيهم خير قدوة وأسوة يدعوهم ويشجعهم على العطاء والتضحية والتطوع، ويتسابق معهم على ذلك؛ فاقتدوا به، واهتدوا بهديه، وما أحوج أطفالنا إلى ذلك.
ولم لا، وهو كان أسبق الخلق إلى الخير -صلى الله عليه وسلم- حينما شارك قومه في بناء البيت الحرام وهو في شبابه قبل بعثته، ومن نساء الصحابة- رضوان الله تعالى عليهن- قدمن من الأعمال الخيرية والتطوعية الكثير، فهذه فريدة بنت كعب الأسلمية- رضي الله عنها- أول ممرضة في التاريخ، وفي عهد الإسلام، حينما كانت تمرض المصابين والجرحى في الحروب التي يكون المسلمون طرفاً بها. وقد كان لفريدة- رضي الله عنها- خيمة لمداواة الجرحى، ولما أصيب سعد بن معاذ-رضي الله عنه – بسهم في معركة الخندق، قال النبي ﷺ اجعلوه في خيمة فريدة التي في المسجد حتى أعوده، وتقديرًا من النبي ﷺ لجهودها في غزوة خيبر في مداواة الجرحى، وخدمة المسلمين، فقد أسهم لها بسهم رجل مقاتل.
ولعل في العصر الحديث هناك نموذج الدكتور عبد الرحمن السميط عليه رحمة الله تعالى، يعد نموذجاً ملهماً للمتطوعين، فليت أبناءنا يعلمون سيرته وسعيه في الخير، ومن هنا يخرج لدينا أطفال من مدرسة الجود والكرم والأدب الجم، صقلت وجادت سماتهم وتكونت اهتماماتهم، وتشكلت اتجاهاتهم في حب وتقدير العمل الخيري والإنساني رغبة في رضى رب العالمين؛وليعلم الآباء والأمهات أن العمل التطوعي المتميز فرصة كبيرة وقوية لتدريب نفوس أطفالهم على التحمل، واختبار مدى صبرهم لخدمة الآخرين وتوجيههم الوجهة الصحيحة لبذل قصارى الجهود؛ من أجل دينهم ووطنهم، بإخاء وتعاون وود ومحبة صادقة؛ مقدرين دورهم الاجتماعي الفاعل، والإيجابية، والهادف للتنمية والتطوير، وقدرتهم على حمل أمانة العمل التطوعي؛ لِينشأَ لنا جيلٌ صالحٌ حريص على المشاركةِ الفعَّالة لخدمة دينه ووطنه الغالي في إطار منهجيٍّ واقعي.
لذا يجبُ علينا بذلُ كلِّ ما نستطيع من جهدٍ في سبيل زيادة تميُّزِ ونجاح وتيسير، وتحسين مستوى وسائل دعم ومؤازرة العمل التطوعي للأطفال، وقياس مدى التأثر والتأثير؛ لما نقدِّم من تربية وعلم وتدريبٍ؛ الأمر الذي يجعلُ الطفل يتخذُ موقفًا واضحًا تجاه مسائل الحياة المختلفة، والارتقاء باهتماماته؛ لبناءِ جيلٍ قادرٍ على إبراز الروائع في واقعه.

رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية لصعوبات التعلم
عضو مجلس بلدي سابق
عضو هيئة الصحفيين السعوديين مخترع
عضو مجلس إدارة جمعية كبار السن عضو مجلس إدارة جمعية تكاملية لذوي الإعاقة
OZO123@HOTMAIL.COM

شاهد أيضاً

إن خانتك قواك ما خانك ربك ولا خانك ظناك

بقلم: ابراهيم العسكري تعرضت قبل فترة لعارض صحي اعياني من الحركة وارقني من النوم واثقل …

تعليق واحد

  1. غرس تلك القيم النبيلة، وتنمية روح الإيثار في نفوس الأطفال، و تنشأتهم على هذا السلوك القويم يصنع لنا جيلا مثاليا. (جزاك الله خيرا يا دكتور)

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com