تقاسيم (مياه عسير:بريئون بعد ثمانية أشهر)

 

IMG-20141217-WA0001

تقاسيم (مياه عسير:بريئون بعد ثمانية أشهر)

حكايات البسطاء تصبح لأمر «ما» أيقونة فساد وطنية كبرى، لا سيما أنها وقعت بين يدي من يظن أنه صنع معها المستحيل، واكتشف منها معجزة كبرى، وكأنه أحضر «راس غليص»، حدثتكم هنا وقبل 169 يوماً عن فزعة موظفي مياه عسير، تلك التي جنوها ظلماً وقهراً وخوفاً وحيرة وإحباطاً طوال المدة السابقة، مضافاً إليها 47 يوماً سبقت موعد كتابة المقالة، وها أنا أقدم المدة بالحساب الرياضي لمعادلة بسيطة جداً يمكن لطالب المرحلة الابتدائية أن يحلها، لكن المعادلة الحقيقة الكبرى والمتمثلة في سجن مجموعة موظفين وتعليق أزمة مياه في ذمتهم، هي المعادلة التي يستعصي على طالب دكتوراه بلع مرارتها ومجرياتها المضحكة المبكية.
ذنبنا في مدن الأطراف أننا نقرأ بعض قضايانا بحماسة شديدة مصحوبة بتصفية حسابات أو اعتقاد مبطن بأن الصواب ما أقوله لا ما يقوله غيري، ذنبنا أيضاً أننا نريد أن نثبت للمسؤول المتسائل عن أزمة «ما» أننا نعرف عنها كل شيء، وقادرون على حلها كما لو كانت أشبه بمتعة إخراج خاتم من إصبع، مأساتنا تكمن في أن هناك من يدعي معرفة ماذا يحدث الآن في أقصى شارع بمدينتي؟ وماذا يدور من نقاش في طابور «التميس»؟ فضلاً عن استيعاب ماذا تعني «أزمة ماء»؟
احترق حد الخيبة من الظلم، مرارته لا تشبهها مرارة خصوصاً حين يقع فجأة بين يديك وتدخل معه في ضجيج وطواحين الأسئلة، تخيل أن يأخذك أحد في مساء ماطر، ويذهب بك لطاولة تحقيق بحجة أن تهماً زائدة عن الحاجة لا بد وأن تذهب إليك وتحت مبرر أن المياه في جغرافيا شاسعة انقطعت بسببك وبسبب مجموعة لم تكن تفكر لحظتها إلا في أب يتباهى بك، وأم تدعو لك أو في زوجة لم تعتد أن يفتح باب بيتها سواك، وأطفال ظنوا أن أباهم سيذهب بهم لصباح العيد فيما كان السجن ينتظره والعيد المختار لهم لاعتقاد «عالم سعودي» مجهول ومختفٍ عن الأنظار وحماسة جامعاتنا بأن هذا المواطن هو سبب أزمة مياه في منطقة عسير.
الموظفون الذين سجنوا طوال ثمانية أشهر معبأون بحزن كبير حتى وإن صدرت براءتهم هذه الأيام إلا من تهمة لا تستحق أكثر من لفت نظر أو حسم من راتب، حكايتهم تستحق أن يكتب عنها للحد الذي يعودون فيه لحالهم النفسية المنضبطة، ويصافحون مجتمعهم بحماسة أكبر، لا ينتظرون أن يمضي بهم العمر المتبقي كوجوه مبتسمة بلا ملامح بعد أن التهم الظلم ملامحها، على وزارتهم أن تعيد لهم بعض كبريائهم المهزوز لاعتقاد خاطئ ممزوج برائحة الظن والغضب على شخص أو عمل أو جهاز، وزارتهم يجب أن تدعوهم لرحلة ينسون فيها مفردات حانقة كمحطة ومياه وسجن وظلم وأزمة وتهمة ، لتهاتفهم ولو عن بعد ففي المهاتفة قليل من تطبيب الجراح، أما المفاصل الدقيقة من الحكاية برمتها فهي تستحق إعادة بحث المتسبب في إصدار الحكم المبدئي على الموظفين في أقل من شهر ونحن الذين نشحذ سرعة الأحكام؟ من وقف مستمتعاً بسجنهم من دون أن يسأل ضميره: لماذا؟ وعلى حساب من؟ هم الآن بريئون بعدالة القضاء، لكنهم يدعون كل مساء على من ظلمهم وأنا معهم، على رغم أنهم ليسوا استثناء على دوائر الظلم.>

شاهد أيضاً

3 مواجهات غداً في انطلاق منافسات الجولة 28 من الدوري السعودي للمحترفين

صحيفة عسير ــ الرياض تنطلق غدًا الخميس منافسات الجولة 28 من الدوري السعودي للمحترفين “دوري …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com