إجازة سعيدة .. برفقة الوالدين

بقلم/منى الشعلان

🖋️لقد حزمت أمتعتي متجهة لقضاء إجازة ممتعة مع الوالدين والإطمئنان على والديَّ بصفة خاصة بعدما أجرى عملية قسطرة في القلب .

 

وعند ركوب الطائرة حدث لي موقف مفاده أنه جلس رجل كبير في السن بجواري وبيننا كرسي فطلبت منه بكل أدب واحترام بأن يتقدم إلى الأمام لأخذ راحتي في الجلوس فإذا به ينهرني ويرفض بشدة قائلاً أنا جالس في كرسيّ فإن رغبتِ انتقلي أنتِ من مكانك بأسلوب فيه فضاضة وقسوة فحملت في خاطري عليه من أسلوبه وتعامله ، ثم جاءت إمرأة وجلست بيننا فانحلت المشكلة ، وما أن استقرت الطائرة فإذا بالرجل لا يفتر لسانه من قراءة القرآن والتسبيح والذكر ، فلمت نفسي بأن حكمت عليه من أول وهلة بسبب موقفٍ واحد!

 

‏تأن ولا تعجل بلومك صاحباً

لعل له عذر وأنت تلومُ

 

وحين وصلت لمنزلنا في ظهيرة ذلك اليوم فإذا بالوالدين كانا في استقبالي والفرحة تعلوا وجوههم والإبتسامة لا تفارق محياهم :

 

كأنما السعدُ مرهونٌ بضحكتهم

‏تُشِعُ في الروحِ أنوارٌ إذا ابتسموا

 

ثم بعد العصر ذهبنا جميعنا إلى المزرعة فإذا بأصوات المواطير وخرير الماء ومناظر الأشجار والخضرة تفتح النفس في أجواء لطيفة .

 

وفي ذات مساء من هذه الرحلة خرجت مع والدتي لمزرعتنا للنزهة وقضاء وقت للإستجمام في تلك الأجواء الجميلة فإذا بي أمر على إحدى الأشجار فأقطف منها بعض الثمار ، وأقوم بغسلها في الماء وتناولها مما يجعلني أشعر بالإنتعاش والراحة في تلك النزهة .. وبالفعل فإن الجلوس والمشي في المساحات الخضراء مع نسمات الهواء العليل وفي أحضان الطبيعة له دوره الفعال والمهم في تغيير المزاج والشعور بالرضا ، والإحساس بالإرتياح والهدوء والبعد عن التوتر والانفعال .

 

فما أجملها من أيام وليالي قضيتها في مزرعتنا “المزرعة السعيدة” مع والديَّ وإخوتي في هذه الرحلة فقد فكانت لي بمثابة الحلم الذي تمنيته فتحقق بفضل الله تعالى ولسان الحال يقول:

 

يَهْوَى فُؤادِي كُلَّ أخْضرَ نَابِتٍ

في بُقْعةٍ مِن كلِّ صِنْفٍ جَامِعَه

 

رِيحُ النَّباتِ يَضُوعُ مَن جَنَباتِها

ونَسَائِمٌ فوَّاحَةٌ جَاءتْ مَعه

 

وكَذا النخِيلُ الباسِقاتُ تَزَيَّنَتْ

بالطَّلْعِ فالأعْذاقُ فيها مَاتِعه

 

قدْ ذُلِّلتْ للرَّاغِبينَ عُذوقُها

يجْنُونَها رُطَبًا تَدلَّتْ يَانِعه

 

وفَواكِهٌ لانَتْ وطَابَ مَذاقُها

وتَنوَّعتْ فالنَّفْسُ فيها طَامِعه

 

وخَرِيرُ ماءٍ قد جَرَى بِتَرفُّقٍ

أنِسَتْ به عَيْنٌ وأُذْنٌ سَامِعه

 

والطَّيرُ يَغْدُو أو يَرُوحُ مُغَرِّدًا

مَلأ الفَضاءَ تَرَنُّماتٍ رَائِعه

 

إنَّ المَزارِعَ للنُّفوسِ مُرِيحَةٌ

لكِنَّهَا في البَذْلِ فيها مُوْجِعه

 

نِعْمَ المَكانُ إذا أرَدْتَ سَكِينَةً

أبْوابُها للصَّحْبِ دَومًا مُشْرَعه

 

وأختم مقالتي بأن جمعة الأهل من أفضل ما يحظى به المرء بل ونعمة من نعم الله على عباده ، فهي تعيد للنفس الطمأنينة ، والراحة والسكينة والشعور بالاحتواء والانتماء لبيئة تهتم له .

 

فما أروع هذه اللقاءات الأسرية فكم بها من صلة للقرابة والأنس بهم فإن ذلك سبب من أسباب البركة في العمر والسعة في الرزق لما ثبت من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه” .

 

إضاءة :

ما أمتع تلك الإجازات التي نقضيها بفرح وسرور مع الوالدين في أجواء عائلية سعيدة .

Check Also

الصداقة والأصدقاء

بقلم الكاتب/ خالد ال سعد الصداقة هي إحدى أرقى العلاقات الإنسانية التي تجمع بين الأفراد، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com