“تسع سنوات على رحيل مساعد الرشيدي: شاعر لم يمر مرور الكرام”

بقلم/ صالحة القحطاني 

قال ذات مرة الشاعر الراحل مساعد الرشيدي :”لن أمر في ذهن الزمن مرور الكرام” وهذا ما أثبته الزمان من بعده ..
(مساعد بن ربيع الخياري الرشيدي )هو شاعر نبطي سعودي. ولد في مدينة الدمام عام 1382هـ. و بدأ مشواره الشعري قبل أكثر من ثلاثة عقود ونصف على صفحات مجلة اليمامة التي احتضنت بداياته الأولى، وكانت نصوص مساعد تنمّ عن موهبة فريدة وجديدة وبالفعل نُشرت أولى قصائده :
حلفت لا ما أقولها لك وأنا حيّ
إلا إذا قلت إنسني قلت لك لا.
واستمر تواصله في ذلك ،وكان في تطوّر ملحوظ يعكس مدى شغفه واهتمامه وثقافته وتشرّبه للألحان وإتقانه لها ،إضافة لوعيه العميق ،وشمولية اسلوبه وافكاره المبتكرة، وصوره الجديدة.
لاحظ والده فترة مراهقته ميول مساعد للشعر فنصحه بعدم قراءة الشعر إلا أن الفطرة الشعرية لديه كانت جداً قوية ،حيث نشأ مساعد الرشيدي في عائلة معروفة بميولها الشعرية، فأمه كانت شاعرة وعمه ووالده أيضاً الذي قال لابنه ذات يوم حين قرأ قصيدة ابنه الأولى فرد عليه قائلاً :
(أِما قُل قصيد زين ولا لايضحكون عليك الرجال) فضلّت هذة العبارة النقدية من والد الشاعر مساعد الرشيدي على أوراقه للأبد، فعندما نقرأ كلماته، نستشعر ذلك الشغف الأدبي الذي ولد في جدران بيته،لم تفوته نصيحة ولا توجيهات والده، بل كان التحدي لديه بمثابة شرارة ألهبت نبض قلمه. تجسّدت تلك العبارة النقدية من والده روح التحدي والمثابرة،وكأنها أسطورة تتجلى في أسطر شعره. وكان أحد أبرز أعلام الشّعر في الوطن العربي و الذي تركَ بصمة فارقه في قلوب مُحبيه و ذاكرة الشّعر ..
-شهد له الشاعر بدر عبد المحسن-رحمه الله- بقوة شعره
-قدّم أوبريت الجنادريه 1416 مع الشاعر خلف بن هذال
-برز من خلال مشاركاته في مهرجان الجنادريه والأمسيات الشعرية على مستوى الخليج العربي
-حضر في المجلات الشعبية خلال نهاية الثمانينات والتسعينات الهجرية
-برز في مجال الغزل وتغنى الفنانون بقصائده.
إنه بحق أيقونة من أيقونات الأدب العربي، ورمزٌ للشعر النبطي الذي ارتقى بأفكاره وصوره الجديدة.
لقد ترك الشاعر “مساعد الرشيدي ” في ذاكرة الفن معانٍ عميقة وأحاسيس جميلة، فرغم رحيله، تبقى كلماته تعانق أفئدة محبيه، تسرد قصص الشوق والحنين. ترافقه ذكرياته كموسيقى تأسر الأرواح، وتبقى قصائده تتردّد في سماء الشعر وكأنها نجوم تتلألأ في ليالي العشق.
سجّل يوم الخميس ذلك الخبر الحزين الذي هز المجتمع الأدبي وفقدت الساحة الشعرية جزءاً من روحها برحيله.، ففي فجر يوم الخميس الموافق 12 يناير 2017 توفي أيقونة الشعر”مساعد الرشيدي” وترك إرثاً كبيراً من الشعر بعد معاناة مع المرض وعن عمر يناهز 55 عاماً وأصبحت مواقع التواصل تئن تحت وطأة الخبر الأليم وأبكى ورثاه محبوه وأصدقاءه ومعارفه بعد أن اختتم مسيرته بتغريدة ابتهالية يقول فيها :
ألا يالله تحفظ وقفتي لا تنهزع يالله
ترى لولا الرجا بك ماتهقوينا بأمانينا
ياربي تدري إني لاجزوع ولا قليل جاه
مادام الجاه جاهك وأنت تمنعنا وتعطينا.
وفي كل مرة نتذكره، نستشعر ألم الفراق، ولكننا نحتفظ في قلوبنا بذكراه، وكلماته تأبى أن تموت، بل تظل حيةً، ترقص على أنغام الأشعار التي كتبها بمداد الحب والشغف.وسيرة شاعر يُعتبر رمزاً خالداً، تتجلى فيها أسمى معاني الحب والتعبير، وانتهت مسيرة خالدة لشاعرٍ لم يفارق الشعر إلا بفراقه للحياة ،ورحيلٌ أبكى حروف الشعر والبشر.

شاهد أيضاً

كشاف الجمعة >>    
 
مشروبات الطاقة.. مخاطر صامتة وتحذيرات عالمية

بقلم / علي سعد الفصيلي لا تزال مشروبات الطاقة تستهوي شريحة واسعة من المستهلكين، وفي …

2 تعليقات

  1. نايف العسيري

    رحمة الله تعالى عليه .. مقال جميل جداً تُشكرين عليه أستاذه صالحه ..

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com