
بقلم/ إبراهيم العسكري
على مر الأيام، تأكد لي أن هناك كثير من البشر، مهما تظاهر لنا أو لغيرنا بأنه على تقوى، إلا أنه يحمل بين جوفه حسدآ وأحقادًا دفينة أو متأصلة يصعب عليه التنازل عنها لأنها أصبحت سمة وبصمة ربما في الدم والجينات. ومع الأيام، تنكشف عنهم الأقنعة لتظهر الحقيقة واضحة وجلية بدون مقدمات أو سابق إنذار.
هؤلاء لا يعترفون بأدوار غيرهم ويرون أنهم يشكلون العنصر الأهم في الحياة، وأن غيرهم في الغالب هم الأقل حظًا وعرفًا. تأصل ذلك في جانبهم فأخذوا المقلب بأنفسهم، وهم لله الحمد قلة، ولكنهم الأخطر، فاحذرهم وكن على مسافة كافية للابتعاد. فمهما حاولت إدخال عنصر الاشتراك معهم، يبقون يتقمصون دور الأهم بما في أنفسهم بأنهم الأجدر بالصواب والأعلم بالسيطرة والتندر في الخطأ أكثر من الصواب.
شخصيًا، تبين لي بجلاء هذا الداء العضال، فأصبحت أتوخى منهم الحذر بالابتعاد قدر الإمكان. فأمامهم لا يجوز أن تمدح فلان أو تثني على علان لقاء عمل ما. اضطررت لاستخدام أسلوب التجاهل والتغافل معهم، وأحيانًا أسلوب الحيطة والحذر من عدم الخوض ولا حتى النقاش؛ لأكون أسمى من التعب في التعنت، طالما رأيهم لا يحتمل أدنى درجات الخطأ. ففي نظرهم أنهم على الحق دائمًا وغيرهم اتجاه معاكس لرؤيتهم التي لا تقبل الأخذ والرد.
رأيت أن ضبط النفس مع مثلهم أهم من الخوض والجدل معهم، لأن ذلك في الواقع يكون تفاهة واستنزاف، طالما صوتي يذوب وصوتهم يبقى، وإن كان أخرق ويحمل اختراقًا للقيم والمبادئ. كما قال غيري: علمناهم، فهمناهم، ما فيه فائدة، حتى أصبح الاحتقار لمثلهم لزامًا، لأن غالبهم يتظاهرون بالقيم الإسلامية والإنسانية ولا يطبقونها في واقعهم الافتراضي.
القيمة الإنسانية هي التمسك بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، بأن تقدر الكبير وتحترم الصغير وتخاطب الناس على قدر عقولهم، وبكلام طيب وابتسامة دائمة دون انتقاد، وترزز بأنك كما يقال آخر حبة في السوق. فلم يعد حتى الصغار جهالًا، بل يعرفون أكثر مما يعرف المترززون.
القيمة الحقيقية أن تكون إنسانًا واقعيًا تؤمن بالرأي الآخر وترقى بأخلاقك وسلوكك وفكرك، فلا تجعل من حولك كلهم أعداء لأنهم اختلفوا معك فيما تراه صوابًا، في حين يراه الآخر أقرب للخطأ.
ومضة: يقول الشاعر:
تدري وش اللي يقهر صدور الأجواد
رخوم تحسب نفسها طير شلوى.
عسير صحيفة عسير الإلكترونية
أستاذ. جزاك الله خيرًا. تقول الحكمة ( من استحلى رضاع الكذب عسر فطامه) ليس لهم دواء إلا البعد عنهم.
لكل داءٍ دواءٌ يُستطَبُّ بهِ.. إلاّ الحماقَةَ أَعيتْ من يُداويها
(أبو الطيب المتنبي) – رحمه الله واسكنه فسيح جناته.
مقال جميل استاذ ابراهيم اعجبني كثيرا / افكار مميزه .. لله درك ..