الأعلام الجديد، أخذ في الانتشار والبروز انتشار النار في الهشيم، منذر بثورة معلوماتية عارمة لا تبقي ولا تذر، في ظل التطور السريع في تلك التقنيات التي يستخدمها الإعلام الجديد ( اليوتيوب – الفيسبوك – تويتر – الوتساب – السكاي بي …) وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي، في كل أنحاء العالم.
إن فترة الإعلام التقليدي بدأت تتضاءل بشكل تدريجي ملفت للنظر، وحتى أنها بدأت في استغلال الإعلام الجديد في توثيق علاقتها بالمتابعين بنقل الأخبار والإحداث، فنجد بأن نشرات الأخبار تعتمد اعتمادا كبيرا على ما يتم بثها عبر تلك المواقع الأنفة الذكر، ويتوقع المحللون بأن تندمج تلك الوسائل الإعلامية أو تذوب تدريجيا في ما يسمى بالإعلام الجديد.
وقد كانت المواد التي تبث عبر بعض تلك المواقع ( كاليوتيوب ) على سبيل المثال تخرج غير منقحة ولا تجد فيها لمسات المونتاج أو الإخراج الجيد، ثم أصبحت أكثر توجها نحو التنظيم والترتيب والتنسيق، وأكثر اهتماما بالمونتاج والإخراج وقد نجت نجاحا كبيرا في ذلك، خاصة في النقل المباشر للحدث وبأقل التكاليف وأيسرها وأسرعها كذلك .
الشركات المالكة لتلك المواقع هي في الواقع مستفيدة ماديا على كافة الأصعدة، فنجد بأن الإعلانات التي تحصل عليها مقابل نشر الإعلانات في صفحاتها، تصل إلى ملايين الدولارات، وبعد أن كانت مواقع شبه شخصية أصبحت شركات عملاقة لها ثقلها على الصعيد الاقتصادي وحتى السياسي في ربوع العالم أجمع، وكذلك أصبح لها مقرات وفروع معتمدة عبر قارات العالم المختلفة.
اذاً. لماذا اتجه المعلنون إلى الإعلام الجديد أو مواقع التواصل الاجتماعي؟
تكن الإجابة على هذا السؤال في كون الإعلام الجديد أكثر انتشار بين المستهلكين ويكاد يكون في متناول كل الأيدي تقريبا، بخلاف الإعلام التقليدي القديم الذي ينحصر في التلفاز والمذياع والصحف والمجلات، والتي قد لا تؤتي أوكلها خاصة في ظل التطور الهائل والسريع في هذا العصر .
وقد ساهمت الأجيال الجديدة من الحواسيب المحمولة إضافة إلى الهواتف الذكية في سرعة توسع رقعة الإعلام الجديد وزيادة عدد المستخدمين له بشكل ملحوظ، وقد وجدت الدراسات والإحصاءات التي عملتها بعض المنظمات المتخصصة في ذلك إلى أن عدد المستخدمين لتلك المواقع في تزايد مستمر وخاصة من منطقة الشرق الأوسط.
ولكن هناك مسألة لا يعرفها الكثير حين التسجيل في تلك المواقع، وهي أن بإمكان إدارة الموقع معرفة الشخص المشترك ومعرفة مكانه بل وتحديده وتحديد رقم الهاتف أو النقال الذي يستخدمه للولوج على تلك المواقع .
والكثير ليس له دراية في هذا الشأن، فيعتقد بأنه حين يجعل له اسماً مستعاراً أو عمراً غير حقيقاً أو أي محاولات لتظليل معلوماته الحقيقة ، أنه بهذا العمل لن يتم التعرف عليه في حال أرتكب مخالفة دينية أو اجتماعية أو سياسية.
وبالفعل تعرض الآلاف من الأشخاص للاعتقال والسجن والتشهير بسبب مخالفتهم القواعد والأنظمة في هذا الخصوص، وللمعلومة فإن أغلب المواقع يكون لها اتفاقية إلكترونية يجب الموافقة عليها حتى تتمكن من التسجيل والاستفادة من الخدمات التي تقدمها تلك المواقع ، وبمجرد أن تضغط على المكان المخصص لذلك وغالبا ما يكون في نهاية الاتفاقية فإنك بذلك ملزم بكل ما جاء في تلك الوثيقة التي تعتبر عقدا مبرما بينك وبين الشركة المالكة .
وينصح بقراءة أي اتفاقية قبل الدخول إلى أيٍ من تلك المواقع وغيرها من المواقع الأخرى حتى تتضح لك الصورة جيدا ولا تجازف في المضي قدما دون أن تعرف ما تحتويه تلك الاتفاقيات من بنود ومواد قد تكون سببا في الإيقاع بك .
وقد كانت الواقعة التي حدثت بالأمس القريب في مصر، حين قام شخص قبطي بإهانة الدين الإسلامي و بسب الرئيس المصري الجديد على حسابه الشخصي في موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك والذي حكمت عليه المحكمة المصرية بالسجن ست سنوات بعد إدانته في هذا الخصوص .
ولا نذهب بعيدا حيث أن المحكمة الجزئية في المنطقة الشرقية وقبل أيام قلائل قد أصدرت حكماً على شاب ثبت بأنه قد شهر بأخر عبر موقع التواصل الاجتماعي ( تويتر ) وتضمن الحكم سجن الشاب أربعة أشهر و تغريمه مبلغ عشرة آلاف ريال.
فالمسألة ليست سهلة كما يتصورها البعض، أو مجرد مزح أو كنا نخوض ونلعب،لا. بل لها قواعد وضوابط وقوانين يجب معرفتها والتقييد بها .
على العموم. على الشخص أن يراقب الله ويمسك يده ولسانه عن الخوض في الأعراض ، وعدم التهكم على الأشخاص أو التحدث في أمور ليس له علاقة بها أو القذف والسب والشتم والافتراء دون دليل أو برهان، فالمسائلة لم تعد مجرد مزاح فهي جدية وفيها عقوبات وغرامات ماليه ومعنوية.
فالتقنية التي حطت رحالها بين أيدينا، سلاح ذو حدين ،إذا لم نستخدمها بالطريقة الصحيحة، فإنها سوف تكون وبالاً على من يستخدمها استخداما سيئاً ويعرض نفسه للعقوبة في الدنيا والآخرة، وتذكروا قول المصطفى عليه الصلاة والسلام : ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ) رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني .>