بعد حوار داود الشريان في “الثامنة” مع وليد السناني، انتابت المتابعين الأبرياء حالة من الصدمة المؤدية إلى الاكتئاب لما آل إليه حال العقل، ولما آلت إليه النظرة إلى الدين الإسلامي العظيم، بوصفه “تمذْهبا” وحسب؛ إذ لم يبق السناني ولم يذر أحدا إلا كفره تكفيراً يستحل معه الدماء، ويحيل صراع الأمة مع أعدائها إلى صراع مع ذاتها، مما يعني العمل مع الأعداء، لا مع الأمة.
لم نكد نفيق من صدمة الأفكار التكفيرية الخطيرة التي يحملها عقل وليد السناني، حتى دهَمَتْنا داهية أكبر، تتمثل في تعليقات بعض المحسوبين على العلم والدعوة ممن يعرفهم بعضنا من لحن القول، ويجهل حقيقتهم أكثرنا، حتى إن د. يوسف الأحمد وصف السناني في إحدى تغريداته بقوله: “مدرسة في الثبات وصدق اللسان وطهارة القلب والتعلق بالله”.!
ولست أدري؛ هل كان تعليق الأحمد منطلقا من قاعدة شرعيّة، وهل يحمل الفكر نفسه، أم أن مصلحة ما؛ سياسية أم شخصية أم حركية تحتّم عليه أن يقول هذا؟
المصيبتان أعظم من بعضهما؛ فإن كان يحمل الفكر نفسه، وهو صاحب درس أسبوعي، ولقاء مفتوح في منزله، وذو جمهور، ومريدين، ومؤيدين في الأحوال كلها، فقد بات خسراننا مبيناً لأننا أصبحنا نحن وجل علماء الأمة ـ عنده وعند أتباعه – كافرين، ولا يستثنى منا إلا من كان متفقا الأحمد والسناني، أو من كفر عباد الله قبل أن يكفروه.
وإن كان يؤيد السنانيَّ، ويشيد به وبطريقة تفكيره وبطهارة قلبه وبثباته على ما يراه حقا، لأن السياسة وحساباتها، و”تصفية الحسابات مع السلطة والمجتمع” تفرضان عليه ذلك، فالمصيبة أعظم من المصيبة العظمى الأولى، لأن هذا يعني امتطاءً صريحاً للدين، نعم؛ امتطاءٌ سافر للدين، واستغلال لا أخلاقي للمقدس، وتلاعب لا مسؤول بعواطف المؤمنين المسلمين المتدينين بالفطرة، بل إنه صورة بشعة من صور تحويل الدين ـ بكل سموه ـ إلى أداة مجردة لتمرير خطاب سياسيٍّ، وإيجاد قاعدة شعبية مؤيدة، أو تصفية حسابات شخصية.
أكرر: لست أدري، ولم أعد أدري، وكيف لعقلي وأدواتي المعرفية الشرعية القاصرة أن تجعلني أدري أو أدرك أو أفهم أو أحلل أو أصل إلى قناعة أو قرار.
كل الذي أعرفه أن الإسلام قبل أن يكون “تمذْهبا” وتعصبا وتحزبا وسياسة، دين عظيم في مصادره وأصوله، وأنه لا “تمذهب” في أصله الأول، وأنه أعظم من أن يصبح متناقضات لم أجدها إلا في فكر السناني والأحمد ومن سار على نهجهما.
وكل الذي أفهمه أن جميع محاولات تحويل الدين إلى “مشروعات” حزبية إساءة إليه، وتشويه له ولنا، وجناية أكبر من أن نستوعب حجمها إلا بعد حين.
>
شاهد أيضاً
مجلس الشورى يعقد جلسته العادية الخامسة من أعمال السنة الثانية للدورة التاسعة
صحيفة عسير ــ واس عقد مجلس الشورى اليوم الاثنين، جلسته العادية الخامسة من أعمال السنة …
عسير صحيفة عسير الإلكترونية