ثلاثاء المفتاحة !

يوم الثلاثاء يوم مميز في مدينة أبها فيه يُعقد سوقها الشعبي من كل أسبوع بالقرب من قرية المفتاحة الأثرية التي تضم بين جنباتها الأصالة والمعاصرة .

   في ليل الثلاثاء الخامس والعشرين من رمضان زرت أنا وأسرتي القرية التي اعتدت زيارتها باستمرار ، وكانت البداية مع معرض الفن التشكيلي .

   في مدخل المعرض صورة كبيرة جميلة لخادم الحرمين الشريفين – يحفظه الله – ، تقابلها صورة بديعة للأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير الموقر .

  المعرض جميل بجمال المنطقة .. جميل بجمال تلك الأعمال البديعة لمجموعة من أبناء المنطقة وبناتها والتي توزعت بين اللوحات المرسومة ، والأعمال اليدوية ، والصور الفوتوغرافية . وفيما يخص اللوحات المرسومة فإن جمالها جاء بعراقتها .. صور جميلة للماضي الجميل بتراثه وأصالته .

   كنت أتطلع إلى رؤية لوحات ترسم ملامح حديثة في المنطقة ؛ فتكون راصدة للتطور العمراني والتنموي في بلادنا الحبيبة ، وإن كان الفنانون أعلم بفنهم وعملهم كل بحسب مدرسته ورسالته .

  ثم انتقلنا إلى متحف الحضارات وفي الطريق بين أسياب القرية وفي إحدى الساحات تحلق مجموعة من الرجال للمزاد على مجموعة من القطع الأثرية المتنوعة ، وهو مزاد يقام في ذلك اليوم تحديدًا كما نقل لي .. مررنا بهم ، ثم دخلنا متحف الحضارات بعد أن قطعنا تذكرتين بمبلغ زهيد ، لا يتناسب وحجم المعروض النفيس !!

  يتكون المتحف من عدة زوايا كالحجريات ، والأسلحة ، والعملات ، والأجهزة ، والمخطوطات ، والمطبوعات ، وغيرها ، وهو متحف جميل صمم بطريقة جميلة ، وتم إرفاق شرح لكل قطعة حتى يسهل على الزائر معرفة تاريخ كل قطعة دون الحاجة إلى الرجوع إلى ذلك الشاب السعودي الأنيق الذي تولى الاستقبال ، والشرح وقت الحاجة ، وتقديم بعض الأفكار عن المتحف بأسلوب نافع مهذب .

أخبرني حين توقفي في قسم الأسلحة عن سرج حصان قديم تقدر قيمته بمليون ونصف المليون ريال !!

يبدو أن الاستثمار في الأثريات استثمار جيد !!

   وفي زاوية العملات كان ابني يسألني عن العملات كثيرًا ، عن أحجام بعضها الكبير ، وعن صورها ، وجدت منه اهتمامًا بها ، فدعوت أن يكون واسع الرزق ، كثير البركة .

  ودعنا الشاب بمثل ما استقبلنا ، ومضينا ؛ لنتوقف عند مملكة الأطفال ، وهي من جماليات المكان ، فليس المكان للكبار فقط ، بل وهنا ما يُمتع الأطفال ، المكان يجمع بين الفائدة والمتعة ، وبإدارة شباب وشابات من أبنائنا وبناتنا .. كانوا في غاية الذوق والأدب في استقبالهم وتعاملهم وتعاونهم .

  ” على خشمي ” سمعتها منهم كثيرًا .. فرحت كثيرًا لرؤيتهم ، وإبداعهم ، وربما كان فرحي أكثر من فرح أطفالي بألعابهم ومرحهم ، وأدركت أن هؤلاء الشباب والشابات صاروا أكثر وعيًا وتخطيطًا لحياتهم ، وهم لا يحتاجون إلا الدعم ، والتشجيع ، وتهيئة الفرص !!

انتهت جولتنا بصراخ ابني الصغير الذي لا يريد مغادرة المكان إلا بعد أن قدمت له الوعود بالعودة مرة أخرى من أجل أن يستنزف بعضًا من المال ، والعيد قد اقترب !!

وكل عام أنتم بخير .

  ماجد محمد الوبيران