هل أخفقت قوتنا الناعمة في ترويج ثقافتنا؟

مع مطلع القرن الحادي والعشرين وذوبان خصوصية المجتمعات وظهور ما يُعرف بالقوى الناعمة والتي استطاعت الدول العظمى من خلالها ترويج ثقافتها وإعادة صياغة منظومة العقلية الشرقية للإيمان بأهمية الثقافة الوافدة ودورها في البناء الحضاري للمجتمع، كما عملت من خلالها على صناعة الحلفاء الشرقيين والتخفيف من حدة الأعداء والمناهضين للثقافة الغربية كما يؤكد ذلك الكاتب الأمريكي جون أوين.
جوزيف ناي المفكر والفيلسوف الأمريكي المعروف تناول هذا المفهوم خلال كتابه الشهير القوة العالمية حيث يرى أن الثقافة الغربية بمكوناتها القيمية والسلوكية ومظاهرها الفنية وأدبها ومؤسساتها التعليمية ومأكولاتها كالبيتزا وغيرها تسللت إلى الشرق العربي وأصبحت كجزء أساسي من حياة المواطن الشرقي. وذكر أن من أبرز وسائل التأثير والقوة الناعمة وسائل الاعلام فعلى سبيل المثال يقول ناي جدار برلين الذي هُدم1989م قال نحن هدمناه في الاعلام قبل هدمه الحقيقي.
مثال آخر في أعقاب الحرب العالمية الثانية وهزيمة اليابان الشهيرة مما انعكس على سمعة المواطن الياباني في الولايات المتحدة الأمريكية. أدرك القادة اليابانيون ضرورة استخدام القوة الناعمة في تحسين الصورة الذهنية عّن المواطن الياباني فقامت الحكومة اليابانية بشراء العديد من المؤسسات الإعلامية لإنتاج المئات من الأفلام الكرتونية لمخاطبة عقول الأطفال الأمريكان للترويج للثقافة اليابانية وتحسين صورة الشخصية اليابانية بصورة مميزة وقيادية جذّابة.
وبالنظر لمجتمعنا السعودي نلحظ أن المجتمع بكافة أطيافه الثقافية ومراحله العمرية والتعليمية أخفق في ترويج القيم والثقافة السعودية للعالم الخارجي.
سؤال بحاجة إلى إجابة: هل أخفقت قوتنا الناعمة في ترويج ثقافتنا؟
اليوم والجامعات السعودية تستقطب المئات من طلاب وطالبات المنح التعليمية، أين برامج إعدادهم كسفراء لبلادنا عندما يعودوا إلى بلادنهم مرة أخرى؟ أين برامج الرعاية اللاحقة والدعم لهم والمحافظة عليهم كحلفاء لبلادنا؟
اليوم ووزارة التعليم ترسل الآلاف من المبتعثين والمبتعثات لدول العالم، هل تم إعدادهم كسفراء للإسلام ولتمثيل ثقافة بلادنا وقيمه والدفاع عنه من خلال برامج فعلية عملية؟
اليوم ومؤسسات الدولة الحكومية والأهلية ترسل بعثاتها وسفرائها إلى دول العالم، هل تم وضع خطة وطنية لتسويق الثقافة الاسلامية بمختلف مكوناتها الشرعية والاجتماعية والنفسية وغيرها، لا سيما وأن الرؤية الوطنية ٢٠٣٠م أكدت على ذلك في محاورها وأهدافها الاستراتيجية.
اليوم ونحن نملك مقومات قلما تجتمع في بلد سوى بلدنا الاسلام الصحيح المستمد من الكتاب والسنة النبوية وفهم السلف الصالح رحمهم الله تعالى، والتاريخ والحضارة الضاربة في أعماق التاريخ والتي تعود جذورها إلى مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، والقيم المجتمعية العربية الأصلية كالكرامة والرجولة والشهامة وكف الأذى ونصرة الضعيف. نحن اليوم بحاجة ماسة إلى إعلام هادف واعي بطبيعة المرحلة ودوره المهم في التسويق والترويج لا التشويه والإسفاف. نحن اليوم بحاجة إلى معارض جوالة في دول العالم لعرض محاسن الاسلام ومعالم الثقافة العربية وقيمها بأسلوب عصري جذّاب.
وأخيراً لابد من العناية والاهتمام بعناصر القوى الناعمة المتواجدين بين أظهرنا صباح مساء والقادم أجمل بإذن الله تعالى.
د. مسفر أحمد مسفر الوادعي- جامعة الملك خالد.>

شاهد أيضاً

الشاعر فلاح بن محمد في لقاء خاص لـ” عسير ” : منذ تواجدي بالساحة الشعرية حققت ما أريد في مجال الشعر وجمهوري الداعم الأول لي

صحيفة عسير – أجرى اللقاء – حنيف  بن مناحي آل ثعيل : الشِّعر فكرة ومعنى …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com