صحيفة عسير _ واس
تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” -حفظه الله- انطلقت اليوم أعمال القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختها الثانية تحت شعار “الذكاء الاصطناعي لخير البشرية” بحضور أكثر من 10 آلاف شخص و200 متحدث من 90 دولة يمثّلون صانعي السياسات في مجال الذكاء الاصطناعي ورؤساء كبرى الشركات التقنية في العالم، وذلك بمقر مركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات بمدينة الرياض وتستمر ثلاثة أيام.
وتؤكد رعاية سمو ولي العهد للقمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختها الثانية حرص سموه على الاستفادة من هذا القطاع الحيوي؛ لتحقيق التنمية للمملكة العربية السعودية، وأن تكون المملكة نموذجاً عالمياً رائداً في بناء اقتصادات المعرفة لخدمة الأجيال الحاضرة والقادمة وتحقيقاً لمستهدفات رؤية 2030.
واستهلت القمة بعرض حي بعنوان ( يمكن للبشر أن يكون لهم مستقبل أفضل بفضل الذكاء الاصطناعي) تضمن سبعة مشاهد تحكي علاقة الإنسان بالذكاء الاصطناعي ومنها أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وقصة التعلم الآلي وكيف يعلم الإنسان الآلة وكيف تصبح بيديه ذكية بحيث تستوعب تعليماته, إضافة إلى كيف تصبح مستقلة وتعمل دون الحاجة إلى مدخلات بشرية إلى أن ينسجم الإنسان مع الآلة من جديد نحو الانسجام في المستقبل.
ثم ألقى معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبدالله بن عامر السواحة كلمة في حفل افتتاح أعمال القمة سلط فيها الضوء على الدعم والتمكين الذي يوليه سمو ولي العهد لكل ما من شأنه اغتنام فرص المستقبل من خلال التركيز على الذكاء الاصطناعي ودوره في خدمة البشرية ورسم مستقبل المملكة لبناء مجتمعات رقمية ومدن ذكية واقتصادات رقمية مزدهرة.
وتطرق معاليه إلى نتائج دعم وتمكين سمو ولي العهد وانعكاسه على مجتمع الرياديين والشركات في المملكة التي نتج عنها تبني حلول الذكاء الاصطناعي لتخدم المجالات الحيوية في الصحة والطاقة والاقتصاد الرقمي، متناولاً بعض التجارب الريادية التي قدمتها المملكة وفي مقدمتها تبني أرامكو لحلول الذكاء الاصطناعي في الحفر والتنقيب مما مكنها اليوم لتصدر قائمة شركات الطاقة في الحلول التي تضمن استدامة البيئة.
واستعرض معالي المهندس عبدالله السواحة في كلمته أهمية مشروع “ذا لاين” وقال: إنه يمثل هدية من سمو ولي العهد للبشرية في كيفية تخطيط المدن إلى الـ150 سنة القادمة وكيفية تطويع المملكة لحلول الذكاء الاصطناعي والبيانات لبناء المجتمعات المستدامة.
وألقى معالي رئيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” الدكتور عبدالله بن شرف الغامدي كلمة استهلها بالترحيب بالمشاركين والحاضرين للقمة بمدينة الرياض موطن الذكاء الاصطناعي مستذكراً النسخة الأولى من القمة التي عقدت بين العالم الافتراضي والعالم الواقعي عام 2020 بسبب جائحة كورونا، وقال: إنه منذ ذلك الوقت حتى الآن لم تكن القمة مجرد انتقال من قمة إلى أخرى وهذه الفترة كانت لحظة فارقة في تاريخ البشرية التي مرت بالكثير وتعلمنا منها بالسنتين الماضيتين.
وأشار معاليه إلى أن التقنية قد تقدمت خاصة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي بشكل كبير وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من كل جانب في جوانب حياتنا، مستشهداً باستغراق العالم خلال القرون الماضية إلى 200 عام لاكتشاف أول لقاح لمرض الجدري حتى قُضِي على المرض، في المقابل جرى تقليل هذه الفترة الطويلة إلى بضعة أشهر منذ نشر أول تسلسل جيني لكوفيد – 19، وذلك بفضل تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي.
وأفاد أن هذا الأمر لم يكن التغيّر الوحيد فالذكاء الاصطناعي والمساعدة الافتراضية في الملايين من المنازل والهواتف الذكية والمركبات للقيادة الذاتية ليست خيالاً بعد الآن فالذكاء الاصطناعي والإنسان الآلي قاما بإجراء الملايين من العمليات الجراحية اليوم.
ولفت معاليه النظر إلى أن الذكاء الاصطناعي حاضر اليوم وقال: نكاد نلامس سطح القدرات الكامنة للذكاء الاصطناعي، فالإشارات المبكرة واعدة للغاية، حيث يمكن للمزارع الرأسية التي تعمل اليوم عبر أدوات الذكاء الاصطناعي إنتاج أغذية بطاقة إنتاجية تصل إلى ما يتجاوز 400 ضعف ما تنتجه المزارع التقليدية، وأثبت الذكاء الاصطناعي أنه يمكن أن يساعد في تقليل الانبعاثات بنسبة 40%، وأن يتنبأ ببعض أنواع السرطان بشكل أفضل من البشر.
وأضاف معاليه أن من أكثر الموضوعات المهمة: استكشاف العلاقة بين البشر والآلات؛ أين نتوقف؟ من أين تبدأ الآلات؟ وقبل 3 سنوات بدأنا السعي للإجابة على هذا السؤال من خلال إطلاق آرتاثون الذكاء الاصطناعي الذي مثَّل تجربة عالمية جمعت المئات من خبراء الذكاء الاصطناعي والفنانين لاستكشاف أكثر الجوانب قرباً للبشرية؛ وهي الإبداع.
وحذر معاليه من الفجوة الرقمية بين الدول في ظل التقدم التقني وبأنها لا تزال تتسع بما مع تقنيات الذكاء الاصطناعي، وجزء من هذه الفجوات نجده حتى داخل الأمة الواحدة، وضرب مثالاً بذلك: أن الفجوة بين الجنسين هائلة ووفقاً لدراسة حديثة فإن 12% فقط من باحثي الذكاء الاصطناعي هم من النساء، وهذا وضع لا يمكن أن يكون صحيحاً! وسنفعل شيئًا حيال ذلك في هذه القمة، فابقوا على اتصال.
وتابع معاليه: هذه الانقسامات تعيدنا دوماً إلى السؤال الأساسي الأكثر إلحاحا ما الذي يعتبر ذكاءً اصطناعياً مسؤولاً؟ إذا طُوِّر الذكاء الاصطناعي اليوم في مناطق جغرافية محددة، وهيمن عليها جنس واحد واستهدف أسواقاً معينة، فكيف يمكننا الوثوق فيه؟ لذلك نرحب بالاتفاق الأخير لليونسكو الذي تضمن توصيات بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وأقرته 193 دولة، ونعتقد أن جميع الدول تتحمل مسؤولية تنفيذ تلك التوصيات لتعزيز موثوقية الذكاء الاصطناعي، وسوف تسمعون بعض الأخبار السارة عن هذا خلال قمتنا.
ودعا معالي الدكتور عبدالله الغامدي إلى المشاركة في تطوير الذكاء الاصطناعي معا وأن نتقاسم أفضل ممارساتنا وخبراتنا ومواردنا وتحدياتنا لضمان عدم تخلف أحد عن الركب، متطلعًا إلى الإعلان عن العديد من المبادرات الرائدة مع شركائنا العالميين للوفاء بالوعد الذي أطلقته هذه القمة (الذكاء الاصطناعي لخير البشرية).
كما ألقى رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين المهندس أمين حسن الناصر كلمة في الجلسة الرئيسة أفاد فيها أن أرامكو السعودية تعتز بأن تكون أحد الداعمين الرئيسيين للقمة وتعلن فيها عن مشروع إستراتيجي جديد بمسمى (الممر العالمي للذكاء الاصطناعي).
وقال إن هذا المشروع الطموح يسير حاليًا في خطواته الأولى ويشمل تصميمه عدة عناصر ليقوم بأربعة أدوار رئيسة هي: تأسيس مركز تميّز لتطوير حلول الذكاء الاصطناعي لأرامكو السعودية والجهات المهتمة في المملكة بهذه التقنية ذات الآفاق الهائلة، وتعزيز جهود تطوير منظومة الملكية الفكرية عالية التأثير المرتبطة بالذكاء الاصطناعي وتسويق منتجات الملكية الفكرية تجاريًا.
وأضاف أن هذا المشروع يعمل كذلك على تدريب الكفاءات السعودية الشابة وتطويرها في مجالات الذكاء الاصطناعي، ودعم جيل جديد من الشركات السعودية الناشئة المعتمدة في نشاطها على الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أنه أطلق عليه ممر عالمي لأنه يساعد في جهود نقل المعرفة وتبادل الأفكار وتقديم الحلول بين المملكة ودول العالم، وأرامكو السعودية وهو عنصر محفز لدعم مثل هذا النشاط المهم.
وذكر أن القمة تركز على ثلاثة محاور هي: “الذكاء الاصطناعي الآن” و”الذكاء الاصطناعي مستقبلاً” و”الذكاء الاصطناعي مطلقاً”، وستبحث تأثير الذكاء الاصطناعي على بعض المواضيع المهمة مثل: الحركة الاقتصادية، والرعاية الصحية، وتطوير الكفاءات البشرية، والمدن الذكية، مبيناً أنه من الأهداف التي ترمي إليه القمة إنشاء منصة عالمية حديثة تجمع قادة الذكاء الاصطناعي ورواده من جميع أنحاء العالم بهدف التواصل والتعاون فيما بينهم، وإحداث حركة عالمية وتحفيزها لتحول الأفكار إلى أفعال، وحتى تصبح الأفكار حقيقية وسريعة.