لا يوافق عاقل على ما حدث نهاية الأسبوع الماضي في أروقة جامعة الملك خالد من مصادمات بين الطالبات وإدارة الجامعة، والفوضى لن تحل على الإطلاق أي خلافات أو تجاوزات أو مشكلات تتفاقم وتتوالد من دون أن يتكرم أحد من المسؤولين بالنزول لها أولاً ومن ثم التبرع ولو بنصف حل، ويستحيل أن يوجد لدينا ناطق إعلامي لجامعة أو مؤسسة حكومية يتحدث من خانة غير الدفاع، ولا عتب لأن مهام العمل الروتيني المكرر تكرس لجمل على وزن «الأهم أن نقطع أي أصابع اتهام، ونحيل بحر الشكوك لمحيط يقين، وننقل الواقع دوما ًبشكل مغلف يُفْهَم من خلاله أن المكان/ الجامعة لا مثيل له/ لها على الخريطة الوطنية»، جامعة الملك خالد – مع الأسف – تقف الآن وحيدة في تكاثر الأسئلة حولها وتتناثر الأوراق المزعجة التي تفتح ألف علامة استفهام؟ ولا يعقل أن كل المتناثر هنا وهناك هامشي مختلق ولا يصب في خط سير العمل الجامعي.
حال التذمر الدائمة، والاستياء المتواصل، ومحاولة إشعال الفوضى في أي مساحة ممكنة، لا يخرج من لا شيء إلا إذا كانت العقول وحدها حصرية على مسؤولي الجامعة، ولعل أكثر التساؤلات تدور حول العمر الذي يقضيه عميد الجامعة على كرسيه الأثير، الذي يدخل – بعد ذكر الله – في العام 14، ولن أقف كثيراً عند هذه النقطة، لكن أتحدث ببراءة عنه، فإن كان قيادياً وناجحاً ويقفز بالجامعة بشكل ملموس وغير ملموس، فلينقل هذه التجربة الريادية إلى جامعة أخرى ولتستفيد منه جامعاتنا الأخرى، وسأقسم أنه لن يقدم في المقبل من الأيام مثل ما قدمه في عقد ونصف العقد تقريباً على هرم قيادة الجامعة، وإن كان غير ذلك فلا أظن بلدنا الزاخر بالقيادات والخبرات عاجزاً عن إيجاد البديل وحل إجابة السؤال الأكبر والمنطقي والأهم والعجيب.
بقية الأوراق المتناثرة من تسرب للكوادر العلمية، ونضال بعضهم من أجل التفرغ أو الإعارة ومسلسل الهروب الدائم من سياسة التطفيش وغيرها، لا بد أن تفتح لها طاولة حوار شفافة وجريئة ومعلنة حتى يقتنع المتضررون والمحبطون والشاكون من جدية ودقة شكوكهم وظنونهم، على رغم أن ما بين أيديهم يتحدث عن أنها حقائق لا تقبل سطراً واحداً من أسطر الشك.
أعود للطالبات اللاتي انفجرن تحت ضغط مدفون، حتى وإن اختصره المسؤولون والمتحدثون باسم الجامعة «في سوء نظافة ليس إلا»، لكني متأكد من أن شكاويهن عجز أحد عن احتوائها وعلاجها، وأن التعامل معهن وفق المثل «أذن من طين وأخرى من عجين»، فلم يجدن لقلة الحال والحيلة إلا تكوين تجمع أنثوي يتناول ما يقع تحت يديه بشكل عدائي ومؤلم له أسباب ترفض الجامعة كما يبدو الاعتراف بها.
تكاثر الجدل والتذمر في مكان ما يا «عقلاء» دليل قاطع على أن هناك أخطاءً وفوضى وحجم إهمال لا يراه أهل الدار، لأن أعينهم مشغولة في تنظيم خط الدفاع، في ظل أن الكسور تتضاعف والأورام تتزايد وتنتشر في الجسم، وإن كانت صغيرة في منظور «كبار الدار»، لكن الصغير يَكْبُر يوماً وإن طال، وما أخشاه وأخافه أن توقف الجامعة الناشطات في فكرة التجمع الأنثوي وتحاكمهن بالفصل والإيقاف بعد توجيه سيل من الاتهامات ليُطوى الملف بكامله، واستخدام الفأس على رأس الضعيف دوماً، ولعل هذا الحل الكارثي – إن حدث – يفقد ثقتنا في العقلية الحاضرة بالحل والراغبة في تصحيح جذري، لا دفع موقت لفوضى ستتكرر، ويثبت أن مسطرة العقاب مائلة للأسفل!>