عسير صحيفة عسير الإلكترونية
يحدثني ذلك الشاب بنبرة حزنِ وألم رغم أنني لا أعرفه جيداً .. فتح هاتفه النقال وجعلني أنبهر بما شاهدته مما بداخله .. ليست جريمة تستدعي العقوبة .. وليست ذنوباً تستوجب التوبة .. بل أنها موهبة تحتاج إلى رعاية من بين مئات المواهب التي كُسر بنيانها وهدم أساسها في مجتمعنا .
يقول لي : لدي موهبة ولكن من يمد لي يد العون في تشجيعي .. لا الإمكانيات تشجعني , ولا جهة تعتني بموهبتي وتدعمي .. أأنتظر إلى أن يصيبني شيء من الكسل , أم إلى أن أكره موهبتي بسبب تصويب بنادق الإحباط من مجتمعي .. أم إلى أن يصيبني اليأس ويدمرني .
هو ذاك الشاب الجامعي الذي يملك موهبة الرسم بطرق احترافية ولكن في مجتمع أستطيع أن أقول عنه وبكل أسف أنه مجتمع الهدم لا البناء إلا من “رحم ربي” .
فبمجرد أن يرى هذا المجتمع موهبة عند شخص ما يوجه إليه عبارات النقد اللاذع ..لا للبناء بل للهدم .. يحاول تدمير بنية الموهبة التحتية لكي لا يستطيع أن يحاول النهوض بسهولة مرة أخرى .. يكسّر ساقي هذه الموهبة و يدمر فكرها و يجعلها أرخص شيء في قلب الموهوب !!.
أقولها وبكل ألم وصراحة أننا نعاني من عدم تشجيع المواهب حتى وإن كانت بسيطة في مجتمعي . فمجتمعي تعود على الاتكالية في جميع أموره , وأصبح متفرغاً لهدم أمثال هؤلاء , وجرحهم بشتى الطرق إلى أن يقول الموهوب بعد جرعات الهدم المتكررة من مجتمعه .. كانت لدي موهبة ! .
أمر آخر في مجتمعي يؤلمني وهو جهل هؤلاء الموهوبين بمراكز تنمية المواهب هنا بمنطقتي , والتي وفرتها الحكومة ودفعت عليها المبالغ الباهظة للعناية بهؤلاء الموهوبين .
ولا أعلم هل هو إهمال من الموهوبين أنفسهم بها أو أن هناك تقصير من هذه المراكز في عدم تعريف الموهوبين بطرق الوصول إليها وعن أماكن تواجدها وكيفية دعمها لهم .
كم أتمنى أن أرى مجتمعنا متقدم بمواهب أبناءه بعد تشجيعهم لهم .. كم أتمنى أن أرى الموهوب يتسابق إلى أقصى شخص بمجتمعه ليدعمه ولو حتى بكلمه شكراً أو مثلها .. كم أتمنى أن أرى الفنان الكبير يعتني بمثيله في بدايته والتي أستطيع أن أسميها أحياناً البداية العظيمة , كم أتمنى أن أرى مراكز الموهبة لدينا تُعرف أكثر مما تُعرف أماكن الترفيه عندنا .
كم أتمنى وأتمنى … فهل ستتحقق يا ترى هذه المنى ونرى جيلاً مبدعاً بمواهبه بدعم مجتمعه .. معتمداً على نفسه في يومٍ من الأيام ؟!. >
