حديثي اليوم عما يعانيه كثير من الناس في مساجدهم وأماكن صلوات الجماعة عندما يُختارُ من يؤمهم. وقبيل عرض المشكلة بصدق ووضوح، أود أن أشير إلى أنني استبيََنْتُ كثيرا ممن أثق في موضوعيتهم وصدقهم ووعيهم أي (عينة مختارة متحيزة) بلغة الباحثين. كان سؤالي لهم: هل تَطْرَبُ لصوتك وللحنِك في تلاوة القرآن أو أي غناء؟ فكانت إجابتهم جميعا بالإيجاب طبعاً وبقوة!. وهل هناك إمام تشعر بملالك منه أثناء سماعك صوته ولحنه وهل هم كثر أم قلة؟. فأجابوا بـ(نعم) وبأنهم كُثُر. ومن المعلوم أنه لا حكم على عذوبة اللحن أو الصوت إلا من قبل الغير، ولا يُعتدُ برأي صاحبه عنه.
إذنْ: كل إمام يقرأ القرآن يقرؤه مضيفاً إلى تعبُّدِيته وروحانيته متعته الشخصية بالصوتِ واللحن، لأن اللحن والصوت والموسيقى من أمتع ما يسمو بالروح، وفي الحديث: “أوتيت مزمارا من مزامير آل داوود” وآخر يقول: “اقرؤوا القرآن بلحون العرب”. فهناك من ترتاح إلى لحنه وصوته وهناك من تستثقل سماعه.
تحديد المشكلة: إعجاب الإمام شخصيا بصوته ولحنه يفرض على المأمومين أداء صلاتهم بصبر وتحملٍ لمشقة نفسية غير ضرورية تقضي على جانب المتعة التي تصاحب الشعور بأداء الفريضة وقد تؤثر فيها سلبا، وقد لا يعلمُ عنها هذا الإمام، وإن كان يعلم فالمصيبة أعظم إذْ لِمَ تصر على جلدي بصوتك؟!.
كما أن كون الإمامة – في بعض البلدان – قد تحولت إلى مجال من مجالات الكسب المادي، شكَّلَ مشكلة أخرى وهي: محاولة الإمام ومن معه من العاملين في أماكن العبادة استقطاب أكبر عدد من الناس إلى مكانهم، ليس من أجل الحرص على عبادة الناس بمقدار ما هو تعبير عن الانتماء الوظيفي لهذا المكان، ومحاولة لا شعورية لإنجاح الذات والاستمتاع بأوسع قدر من الجماهيرية والشهرة، معيدا كل هذا إلى أسباب وأدلة دينية لن يعدمها كل من بحث عنها لاستخدامها لفظيا وظاهريا وإسقاطها على ما يراه.
من حلول هذه المشكلة (ثقل دم الإمام) كما أطلق عليها أحد إخوتي الذين استجوبتهم حول هذا: أن يدرك الإمام أن اختياره لم يعدْ لأنه أقرأ الناس لكتاب الله ولا.. ولا.. بل فُرِض على أبرياء لمعايير كثيرة منها مقياس القراءة. وأن يسأل من يثق في أنهم لن يجيبوه سوى بما يعتقدونه عن مدى تقبل الناس قراءته ولحنه، وهو أمر صعب أن تجد من يصدقك القول بأنك غير مقبول لديه، وعليه فإن على الإمام التأكد من مدى كونه مقبولا حقيقة لا فرضا.
وتبقى الحقيقة التي يعاني منها الناس ولا يستطيعون القول هي: إطالة الأئمة الاستعراضية على حساب الناس وكأن البعض يتلذَذ بجلد الناس بصوته ولحنه. >
شاهد أيضاً
الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة
صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل : انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …