كمْ أجدني رءوفا رحيما عندما أقرأ رواية أو أرى روائياًّ!
ذلكم أنني أدرك معاناة الروائي وهو يكتب التاريخ من داخل عالم خاصّ تعب في خلقه وتشكيله! إنه يعايشُ عالما خياليا خاصا في ظل آخر واقعي، ويذكرني هذا بقول الشاعر عن حروفه:
تذكَّرْ وأنت تمرّ عليها
عذاب الحروف لكيْ توجدا
(فتنة) للكاتبة: أميرة القحطاني من الإمارات العربية آخر رواية قرأتُها، ولم أقحمْ نفسي في أتون النقد الفني، بل اكتفيتُ بمسايرة رحلة بطلتها (فتنة) عبر مسرح المكان: إمارات الخليج ثم الرياض فالمدينة فمكة فعسير وما تخللها من إطلالات على مسرح القضايا العربية والإطلالة التّرفة على أوروبا.
تقع الرواية في 12 فصلا، وزعتها دار العلم للملايين – بيروت. لفت انتباهي فيها قدرة الكاتبة على التخلص من الذات أثناء السرد ومقدار شعورها بالمسافة بينها وبين الراوي (فتنة)، مما منحها مساحة من ملامسة قضاياها والبوح بالمستحيل في حالة ضعف القدرة على تقمّص الظل أو (الراوي)، وهذا دليل على شخصية روائية مؤهلة فنيا.
كما لفت انتباهي أن الرواية لم تضطر إلى ركوب مطية القضية النسائية بشكلها المحسوس كما فعلتْ بعض الروائيات بحثا عن الوصول السريع عن طريق الإغراء الحسي، بل لامستْ هموم المرأة الداخلية الحقيقية بشكل احتجاجي طبيعي غير غرائبي لا يستجدي الوصول عن طريق ممارسة المحظور إنسانيا.
(فتنة) نقضتْ بالعقل لا بالجسد كل ما كان ضده من القيم، وتساءلتْ بشكل مشروع عن جدوى قيم تمارسها دون قناعة نفسية، حتى إنها نجحتْ في إيصال صراع المصلي مع الحياة من حوله لكنه يصلي.
خلال قراءتي (فتنة)، كنتُ أتساءلُ عن مؤسسات الإنتاج في الخليج، ومصدر تساؤلي: لم لا تعتمد هذه المؤسسات على هذه الأعمال الجاهزة، والتي تمسّ ثقافة الجزيرة العربية مباشرة، لأنها كُتبتْ منها وإليها، وكتبها أدباء مهتمون بهذه القضايا، فمثلا: رواية (فتنة) لأميرة القحطاني، وروايتا (أنثى تشطر القبيلة – السقوط) لإبراهيم شحبي، وقبلهما روايات المرحوم: عبدالعزيز مشري، وكذلك روايات عبده خال، وغيرها من الروايات الجادة الراسخة في قضايا المكان، لمَ لا نرى هذه المؤسسات تلجأ إليها وتجلب لها من يكتب سيناريوهاتها بشكل محترف لتحويلها إلى دراما ناضجة؟ ولم نرى هذه المؤسسات تعتمد على المواقف المرتجلة والممثلين على الطريقة المدرسية التقليدية؟ لستُ أدرك الأسباب الحقيقية مع وجود هذا الكم الروائي!. >
شاهد أيضاً
الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة
صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل : انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …