الطبقية الممقوتة

المجتمع الإسلامي هو المجتمع الذي يطبق الشريعة الإسلامية ، ويستقي تعاليمه ومنهج حياته من دِين ثابت قادر على مواكبة المستجدات ، وهو الدين الصالح لكل زمان ومكان … ولا أظن أننا في وطننا في مجتمع طبقي ، أو يسعى إلى تمكين هذه الفكرة في عقول الناس ؛ لأنها فكرة قبيحة بغيضة تُشعر الإنسان بالحسرة والمرارة .. وإن كان هناك من يسعى لإقناع الناس بها .. ولكننا حين نرى مدى التلاحم بين المسلمين في هذه البلاد ندرك خطأ تلك الفكرة !! وهذا التلاحم يبرز من خلال اجتماع المسلمين في بيت من بيوت الله كل يوم خمس مرات ، ولعلَّ المسجد الحرام خير شاهد على ذلك على مدار العام ، ولنا أن نقف ، وننظر ، ثم نتفكر في سمو الإسلام ، وسعيه الدائب إلى نبذ الطبقية ، فلا فرق بين الناس إلا بتقوى الله عز وجل .. فالكل يقف لأداء الصلاة في مكان واحد ولغرض واحد وقد ذابت بينهم كل تلك الفروقات .. هذا فيما يخص أبناء الإسلام بصفة عامة ناهيك عمَّا يسجله أبناء هذه البلاد وبناتها من المواطنين والمواطنات من مواقف مع بعضهم تتجلَّى في التكاتف الاجتماعي ، وعلاقات النسب ، والعمل في مجال واحد ، وحُب الناس لبعضهم ، وتفقد الأحوال ، والإحسان إلى المحتاجين وغيرها .. أما فيما يخص الغِنى والفقر فهذه مسألة نسبية ، وهي من سُنن الحياة أن يكون فيها أناس أغنياء ، وآخرون فقراء .. فلا الغنى هو الذي يرفع من قيمة الإنسان ، ولا الفقر هو الذي يُخزي الإنسان .. بل هي التقوى بكل ما تحمله هذه الكلمة من أبعاد جميلة ، وظِلال وارفة .. ولذا لما سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : أيهما أفضل ، غني مُنفق ، أم فقير صابر ؟؟ قال : أتقاهما !! ومن يهرب من المجتمع تحت دعاوى محاربة الإبداع الواهنة ، فهو هروب العاجز الضعيف!! ولا أظن أن مجتمعنا يحارب الإبداع ، ويأسر العقل .. متى ما سخَّر الإنسان عقله لخدمة الحق ، ونشر القيم ، وإبراز الحقائق .. فهذا العقل ليس رخيصًا في نظر الدِّين ، بل لقد دعا الدِّين لوجوب حفظه وعدم تضييعه ، وبقاء الإنسان في وطنه ومواجهة مشكلاته أحسن من الهروب منه والبحث عن النجاح الزائف !!

نحن في وطن يرعى العقول النيرة المضيئة ، ويشجِّع الإبداع ويدعمه .. نحن في وطن حرص قادته على الاهتمام بأبنائه وبناته ، قادته الذين ما فتئوا يرحبون بكل فكر متألق مبتكر .. ويرفضون كل فكر منحرف ختَّار .. بل ويعملون على استصلاح من منَّ الله عليهم بالعودة إلى جادَّة الصواب ، ويَجْهدون من أجل الرقي بأبناء البلاد وبناتها في حدود تلك الإطارات التي رسمها لنا الدِّين الحنيف بتعاليمه وقيمه وأخلاقه والتي جعلت مِنَّا أُناسًا لنا سماتنا وصفاتنا الخاصة .. ونحن لن نتقدم بانسلاخنا من ثوابتنا ، بل بالتمسك بها والدعوة إليها .. إن الإنسان متى ما نسي أصله وثوابته أضاع هويته وصار ضعيفًا هزيلًا في هذه الحياة مثله كمثل شجرة بُترت جذورها فدَبَّ فيها الضعف والوهن .

لا مانع في أن يأخذ الإنسان من علوم العصر ومن الأمم المتقدمة ما يفيده ولا يجعله يتنصل من قيمه الثابته ويتنكر لها .. وليبتعد عن الخوض في القضايا الفقهية التي حسمها العلماء بالرجوع إلى النصوص الشرعية الواردة في ذلك .. وألَّا نجعل من تلك القضايا ” إشكاليات ” .. فلا إشكالية تقف في وجه هذا الدِّين الذي أكمله الله وأتمه .. وسخَّر له العلماء المخلصين الذين حملوا هَمَّ الدِّين وسعوا إلى نشر تعاليمه ، وتوضيح مفاهيمه للناس .. فلا الحجاب إشكالية ، ولا المرأة مسلوبة الحقوق إلَّا عند من يريدون تضييع المرأة .. أولئك الذين ابتعدوا عن فهم الدِّين الفهم الصحيح .. فلا الدِّين ظلم المرأة ، ولا الدِّين أضاعها .. بل رسم لها الطريق الصحيحة التي تضمن لها الحياة الكريمة جنبًا إلى جنب مع الرجل ؛ ليرفع كلا منهما البناء بعيدًا عن أيَّة فكرة ضالة ، أو خطوة تائهة .

>

شاهد أيضاً

أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري

صحيفة عسير – مها القحطاني : استقبل صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com