وصل خادم الحرمين الشريفين – يحفظه الله – صاحب الأيادي البيضاء إلى الدار البيضاء ليقضي فترة نقاهة ومتابعة للعلاج .. ومنذ أن عرفنا مرضه – سلَّمه الله – من خلال تلك الشفافية الراقية ، والصراحة السامية .. وأنا أرصد مشاعر الناس عبر وسائل الإعلام فوجدتها تعابير نبيلة ، وأحاسيس كريمة .. فتشابكت مشاعر في صدري ، فرأيت أن أبثها عبر سطري .. فرحت أتأمل ماضينا الأصيل ، تاريخنا الجميل ، فأدركت مدى اللُّحمة بين القيادة الحكيمة والمواطنين الأوفياء منذ قيام هذه الدولة المباركة على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سُعود – رحمه الله – .. وتجلَّت تلك اللُّحمة في أبهى صورها ، وأحلى حُللها في مشاعر المواطنين نحو خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله داخل الوطن وخارجه .
وسبحان الله .. فإن حُب الناس لشخص لا يأتي من فراغ !! كما أنه علامة خير ، ودلالة فضل للشخص المحبوب .. كيف لا ؟! وقد فاضت مشاعر الناس من مواطنين ومقيمين في هذا البلد المجواد بُحب خادم الحرمين الشريفين .
آلمَنَا ما مرَّ به خادم الحرمين الشريفين أثناء مرضه .. وسرَّنا ما مَنَّ الله به عليه من الشفاء والمعافاة .. سائلينه سبحانه الشفاء له ، ولجميع مرضى المسلمين ، وأن يجمع لهم بين الأجر والعافية .. ولا تأسَ ، خادم الحرمين الشريفين .. فقد قرأت حُبك في أعين المسلمين في الخارج ممن خففت من ألمهم بوقفاتك المشرفة معهم .. وقد وجدت الدعاء في كفوف ارتفعت إلى السماء تطلب الله لك الشفاء من أمهات أرجعتَ لهنَّ البسمة بعد أن غابت عن شفاههم بسبب مرض أبنائهم ، أو التصاق بناتهم .
لا تأسَ ، خادم الحرمين الشريفين .. فإن أمر المؤمن خير كُلُّه .. والمرض للمؤمن فضل وثواب .. حين يزداد تعلقه بربِّه ، فيشكر الله على ما كان عليه من الصحة ، ويصبر محتسبًا على أوجاع المرض وآلامه .. فيرفعه الله درجات يوم القيامة .. فعن أبي سعيد – رضي الله عنه – ، أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ” صداع المؤمن ، أو شوكة يشاكها ، أو شيء يؤذيه ، يرفعه الله بها يوم القيامة درجة ، ويُكفِّر عنه ذنوبه ” ، وعن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ” ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حطَّ الله بها من سيئاته كما تحطُّ الشجرة ورقها ” متفق عليه .
لا تأسَ ، خادم الحرمين الشريفين .. فأبناؤك هنا وهناك ، في الداخل والخارج هم محبون لك .. يتطلَّعون إلى رؤيتك ، ويشتاقون إلى سماع صوتك .. يعرفون عظيم قَدْرك ، وجميل صُنعك .. فهم أوفياء .. عاهدوا الله على طاعته ، وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام ، وطاعة ولاة الأمر ؛ لأن في طاعتك انضمامًا في الصفِّ ، وقيامًا مع الجماعة ، وقوة في البنيان .. قال الفضيل بن عياض – رحمه الله – : ” لو أنَّ لي دعوة مستجابة ما صَيَّرتُها إلا في الإمام ” ؛ لأنها في الإمام أعمَّ .
والكُلُّ هنا يدعو لك بالشفاء العاجل ، وتمام الأجر .. الكُلُّ هنا فَرِحٌ بشفائك ، ويترقَّب عودتك … فقد اشتاق لك الجميع .. فكم تسرُّنا رؤيتك سالمًا معافى ، وكم تبهجنا تلك الأنباء التي نسمعها ، أو نقرؤها عن تحسن أحوالكم الصحية ، أبقاكم الله وحفظكم .
أيُّها الملك الحاني ، والقائد الباني .. كل صخرة شمَّاء في جبال بلادنا الشامخة ، وكل وردة فوَّاحة في أشجار بلادنا الباسقة .. وكل صغير يتغنَّى بكلمة ” أبي ” .. وكل كبير يُدرك حقًّا معنى المواطنة الصالحة .. الكل هنا ، يطلق ” صرخة ” يبلغ مداها الآفاق ،
ويتغلغل صوتها في الأعماق : اشتقنا لك أيها الملك الإنسان .>