إن لم يكُن ولا بد

بقلم -أ.حصة محمد 
هناك أحداث عديدة تمُر بِنَا بين فينة وأخرى تدعونا للتحقق من دوافع تلك الأحداث كطريقة تداوي وهي معرفة سبب الداء فإذا عُرف السبب بُطل العجب.
بعض الأحداث يكون لها علامات ودلالات ظاهرية تجعل من تحليلنا لها تحليل منطقي علمي استناداً منّا على الحقائق العلمية وكذلك الخبرة الحياتية، واحداث أخرى لا تستعمل الإيماءات الخاصة او العلامات وإنما تكون من خلال مواقف تلقائية تنجم عن شعور ذاتي للمرء.
فعندما نرى أشخاص يفرقعون أصابعهم باستمرار ويزفرون بصوت عالٍ، ويقومون بهز ارجلهم تارة وتارة اخرى يشغلون أيديهم بشيء ما من حولهم بفرط حركة ملحوظ، حينها سيتبادر إلى ذهنك ان هذا الشخص مصاب “بالقلق” كما ذكر “ألان ، وباربارا” عن أعراض القلق من خلال ترجمة لغة الجسد، وهذه العلامات لا يشترط ان تكون مطلع جيداً حتى تعرف دلالتها، فهي ظاهرة للعيان كوضوح الشمس.
أما من جهة المواقف فنحن نرى هذا في أعيُن والدينا عندما نعود متأخرين من الخارج او عندما لا نجيب على مكالماتهم لانشغالنا كأبسط تعريف للقلق الذي يمر بنا يومياً، وعموماً الكثير منا يخلط بين الخوف والقلق في الحالة المزاجية والنفسية، فالقلق شعور يهيأ صاحبه نفسياً لمواجهة احداث سلبية في المستقبل القريب وبمعنى اخر هو”الخوف من المستقبل” يقول وليام آنج: (القلق فائدة مدفوعة على المشاكل قبل أن يحين موعد استحقاقها) بينما الخوف يكون تحت تهديد لحظي مصحوب بسلوكيات معينة اَي انه ردة فعل للأحداث الحالية.
السؤال هنا؛ هل القلق ممدوح ام مذموم؟ وكيف أصنف صاحبه انَ كان سليم او يحتاج لعلاج؟
حسناً، هناك نوعين من القلق، الأول وهو نوع تحفيزي يساعد المرء باتخاذ قرارات سليمة نتيجة شعوره بالقلق كما ذكر فيثاغورس في نصيحته هنا: (من المفترض أن يدفعنا القلق إلى العمل و ليس إلى الاكتئاب ، فليس حراً من لا يستطيع السيطرة على نفسه) وهذا يُسمى قلق طبيعي، هذا النوع من القلق لا يجب إعارته كثيراً من الاهتمام طالما انه لم يتحول للنوع الآخر وهو القلق النفسي او ما يسمى بالقلق المرضي وهو إصابة الشخص بحالة نفسية مستمرة والذي يتحول مع مرور الوقت لمرض جسدي يتفاقم تدريجياً كفرط نشاط الغدة الدرقية والتهابات القولون الشائعة وغيرها.
وقد يحتاج إلى علاج سلوكي ونفسي ولعل اسرع واضمن علاج نفسي كما قال ابن القيم رحمه الله:(
من وطّن قلبه عند ربه سكن واستراح ومن أرسله فى الناس إضطرب واشتد به القلق) فالقرب من الله تعالى فيه راحة للنفس واطمئنان للقلب وسكينة للجوارح، وهذا ما يجدر بالمؤمن سلوكه عند حدوث الاضطرابات النفسية التي تكون نتيجة ضغوطات حياتية عبر مر الزمان.
وأخيراً ؛ الوقاية خيرٌ من العلاج وذلك بمعرفة أضرار الشعور السلبي على النفس بشكلٍ مجمل وبشعور القلق بشكلٍ خاص ،فإن لم يكن ولا بُد فحريٌ بنا تدارك الأمور قبل تفاقمها والخضوع للعلاجات السلوكية أولاً بتجنب مثيرات القلق وعدم المبالغة في ردود الأفعال بإلاضافة إلى العلاج النفسي عافانا الله واياكم، لا سيما ان كان المريض يتعرض لتشجنات عصبية وصرع نتيجة القلق الزائد وهذه الحالات تحتاج لعلاج مكثف حتى تُشفى الحالة.
وما أجمل حُسن توكل غازي القصيبي عندما قال:”كل يوم أعيشه هو هدية من الله ولن أضيعه بالقلق من المستقبل أو الحسرة على الماضي”.

>

شاهد أيضاً

إن خانتك قواك ما خانك ربك ولا خانك ظناك

بقلم: ابراهيم العسكري تعرضت قبل فترة لعارض صحي اعياني من الحركة وارقني من النوم واثقل …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com