بقلم / سميه محمد
أيها الأعمى
أنا معجب بك
أتعرف لماذا ؟!
لأنك تسبقني بخطوات بقوتك التي جعلتك تقف شامخاً تواجه الصعوبات حتى جعلتها ممهدة سهلة و سلسة ..
لأنك أرفع مني درجات من ناحية الصبر و التحمل فقد صبرت على قتال الظلام كي يعيش النور في داخلك ليستمد من هذا النور الكفاح و الأمل ..
لأنك تحملت سخرية بعض الجهلاء فحولت هذه السخرية إلى دافع لتحقيق أحلامك حتى تصل إلى ماتريد ليروه من سخروا منك بالأمس هم أنفسهم من يتعجبون و يحترمون هذا الأعمى الذي أصبح أفضل منهم بتعبه و فكره و نفسه التي لا تعرف إلا الحرية ..
لأنك حولت انكسارك من شفقة بعض الناس عليك إلى اثبات وجودك و جدارتك و موهبتك فسحقت الشفقة كأنها عملة نقدية رميتها في الطريق ولم تعد لها أهمية في حياتك و لو مجرد ذكرى ..
أنك أيها الاعمى تمتلك أشياء جميلة لا تنتهي مثل البحر كلما غرفت من مائه زاد .
أنت اكثر رحمة ، شجاعة ، مروئة ، محب للعلم بل عاشق له و لا ينافسك في ذلك إلا عشقك لمن تحب ..
طه حسين عميد الأدب العربي الكفيف الذي أضاء العالم فلقب بقاهر الظلام .
أصيب في طفولته بالرمد في عينيه و بسبب جهل أهله لم يذهبوا به إلى الطبيب بل جلبوا حلاق له على اساس ان يعالجه فتسبب في فقده لبصره نهائياً .
إلا أن العمى لم يمنعه أن يكون مرجع للعالم .
تزوج من الفرنسية سوزان وكانت تساعده في مسيرته تقرأ له معظم دروسه و تكتبها له بطريقة بريل حتى يستطيع أن يقرئها بنفسه .
عندما أخذ شهادة الدكتوراة اوصلته سوزان إلى شقتهما ثم وجدته يبكي .
فسألته :
لماذا تبكي وقد تخرجت اليوم و اخذت شهادة الدكتوراة
فقال لها :
لم أندم يوماً على أني أعمى غير أني لا أستطيع أن أراك ….*