من تجربتي في التك توك ( 1) .. الرذيلة الحوارية في التك توك

بقلم / محمد بن إبراهيم فايع

شكّل قدوم التطبيق الصيني المعروف بـ ( التك توك ) صرخة جديدة في طريقة التواصل بين الناس في وسائل التواصل الاجتماعي ،بعد أن أصبح المتصدر رقم واحد في عالم وسائل التواصل والمستحوذ بشكل مثير على فئات عمرية من الناس ،خاصة عند استخدامه على نطاق عالمي في عام 2017م ، وسر بروز التطبيق ،أنه لم يعد أحد يستعمل الشبكة العنكبوتية ،إلا ولديه حساب في هذا التطبيق ،وهذا بحد ذاته قد زرع مخاوفا وشيئا من الهواجس لدى الكثيرين ،وعلى رأسهم المهتمين بالشأن التربوي ، نظرا للآثار الكبيرة التي أحدثها في حياة الناس فيما يختص بانفتاح العلاقات بين الجنسين ،واختراقه للخصوصيات وكشفها بطريقة مباشرة ،فهو باختصار عبارة عن جهاز ( تلفزيون ) الشخص من يتحكم في برامجه وفيما يبثه ومتى شاء وكيفما شاء وباي طريقة أرادها ، ولا يمكن لأحد أن ينكر التأثير البالغ ،لهذا التطبيق على (الأخلاق والقيم والكثير من العادات والسلوكيات ) على الفرد والأسرة والمجتمع ، خاصة مع مميزات وإمكانية هذا التطبيق عن غيره من التطبيقات الأخرى (كإطلاق البثوث المباشرة) وتسيّد المساحة الأكبر لمسابقات ( التسلية والتحديات ) التي تجري بين المتنافسين رغم أن تلك المسابقات لاتقوم على تقديم مادة ثقافية بقدر ماهي تقوم على (لعبة تسويقية ذكية) للحصول على الدعم السخي المتبادل بين المتسابقين التي يكون للأتباع فيها دور في تمكين هذا أو ذاك المتسابق من الفوز (بالنقاط الأوفر) دون تقديم محتوى مفيد تفضي إليه المسابقة التي يكون عادة فيها ( التسول والشحاذة ) الوسيلة البارزة لاستجداء المال بين المتسابق وداعميه أو أتباعه وفقا للغة وسائل التواصل إذ أن المتواجدين في التطبيق هم أتباع ومتبوعون في نفس الوقت ،حتى أفرزت لدينا قاموسا من الكلمات سأدعها لمقال قادم .وأتت بعد مساحات المسابقات ( مساحات البثوث الحوارية ) التي كشفت لنا عن ( أمية في أدبيات الحوار ) ولعل حديثي اليوم سيكون مركّزا حول هذه النقطة المهمة عندي (ثقافة الحوار) التي عرفناها في هذا التطبيق ،إذ قدم بحسب رأيي (أسوأ لغة حوارية ) يمكنك أن تسمعها على (منصات الحوارات ،أو حول طاولات المناقشات) حوار – مع الأسف – في أغلبه منسوج بالقذف الصارخ ،الذي قد يتعرض للأعراض ،وكلمات السباب والشتم المقيت ،حوار ممزوج بالتهم المعلبة والجاهزة التي تقذف في وجه الآخر ،الذي تزف إليه ونحوه دون تثبت ،في صورة للغة حوارية مملوءة (بالتصنيفات العابرة) التي تُلقى جزافا ، وهنا تبدو حقيقة العبارة المعروفة ( إن لم تكن معي فأن ضدي ) أو بمعنى أدق عندما (تخالفني أو تعارضني أو لاتتفق معي) فانتظر (موجة من قذائف) اللعان والشتم والقذف تصلك مباشرة دون الحاجة إلى ( منتجة أو مقص الرقيب أورقابة الضمير ) لصدها من عدم الوصول من القاذف إلى المقذوف ،وقد تكون الموجة مصوبة لمجموعة بكاملها من فرد ،وقد تكون بين جماعات داخل البث الواحد ،فتختلط لغة الشتم والقذف بأصوات المتداخلين ،فلاتعرف من هو القاذف ومن المقذوف ولم هو قُذف ،وبالتالي تضيع في زحمة هذا العبث الفوضوي من (الثرثرة العمياء) التي جلبت كل تلك الضوضاء ،ليتم نحر اللغة الراقية على يد اللغة السوقية التي تصنع (الرذيلة الحوارية ) وتعمل على سحق ( متعة الحوار المنشود وافساده ) الحوار البناء المثمر ،الذي نبحث عنه وصولا (لأهداف ومعالجات وتقارب) بين أبناء المجتمع والمتحاورين الذي يتخفى خلف آلاف الحسابات شخصيات مجهولة . وحتى تجربة قادمة سأنقلها لكم من بطن هذا التطبيق، مع الحسابات المجهولة وما أفرزته من قاموس لغوي وغيرها .. ألتقيكم على خير ..

شاهد أيضاً

إن خانتك قواك ما خانك ربك ولا خانك ظناك

بقلم: ابراهيم العسكري تعرضت قبل فترة لعارض صحي اعياني من الحركة وارقني من النوم واثقل …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com