كرم أهالي محافظة بيشه

بقلم الكاتب / زارب آل معدّي

تقع محافظة بيشه في الجنوب الغربي وتتبع منطقة عسير في المملكة العربية السعودية وترتفع عن سطح البحر بحوالي (2000) قدم ،ويتراوح عدد سكانها مابين 250,000 إلى 300,000 نسمة، ويعد سكانها غالبيتهم من قبيلة اكلب وشهران وبني سلول ومعاوية ، وقد سكنها الكثير من افراد القبائل الاخرى مثل غامد وزهران وبلقرن وقحطان وغيرهم ، واعتذر إن أُنسيت غيرهم ، وهي تعتبر مدينة اجتماعية وتجاريه ، وزراعيه عظيمة ، منذ القِدم ، وتشتهر بيشة بكونها منطقة زراعية هامة جدا ، وبالذات زراعة النخيل حيث تجاوز عدد النخيل ثلاثة ملايين نخلة تقريباً وأكثر ، والتمر فيها متعدد الأصناف, ويصدر إلى جميع مدن المملكة ، وله شهرة خاصة ومعروفة، وفي بيشه سد الملك فهد -رحمه الله- أكبر سدود المملكة من حيث سعة التخزين ، ولموقع بيشة أهمية على طُرق الحج من اليمن قديمًا ونجران وعسير وطرق التجارة الى الحجاز واليمن ونجد، وأصبح الناس يوصون المسافر بالتزود والتموِّن من بيشة فيقولون: «خذ مئونتك من بيشة ترى ما ورا بيشة عيشة» بمعنى اذا خرجت من بيشه لن تجد مئونتك بسهوله ، فتزود حاجتك من خيراتها قبل خروجك من حدود بيشه ، لكون شرق بيشة صحاري ، وغربها جبال ، وكانت ولا زالت بيشة عنواناً للشيّم والقيّم ومكارم الأخلاق ، وبها الخيرات الكثيره ، وتنتج الموروث بكل قيمه ، والثقافة بأنواعها، وتنتج اكتفائها الداخلي من الحبوب، والصناعات الخفيفة، وتغرس العادات والتقاليد القبلية الجميلة في أجيالها، وفي كل من تشرف بالعمل فيها ، أو كان ضيفاً بين أياديها ، سيجد ما يسُرُه ، ويُبهره ، أما على المستويات الأخرى فحدث ولاحرج فهي محافظة تُنافس محافظات ومُدن المملكة على جميع المستويات ولايتسع المجال هنا للحديث عن ذلك ، والعيشة في بيشة حياة مليئة بكل الصفات الجميله والخير الوفير ، وهناك مالفت نظري من العادات القبلية في مجتمعها العام من كرم الضيافة بالعطاء والجود والسخاء من عشرات السنين وحتى تاريخه ، ولك أن تعرف مثلاً ، ماذا يُقدم للضيف ؟ بما يُسمى ( الفطور ) إن أتى أو تواجد الضيف صباحاً ، أو ( الَلطَف ) إن تواجد الضيف بالمساء ( واَللطَف طعام وأكلة خاصة وقتها من بعد العصر الى قبيل المغرب ) وبكلتا الحالتين لايقدمون لضيوفهم أقل من ذبيحة دسمة إن لم تكن اثنتان او ثلاث وملحقاتها من المرقوق والفاكهة والطيب والقهوة ، ولك أن تتخيل ماذا يقدمون لك بالوجبات الأُخرى التاليه والرئيسية ( الغداء أو العشاء ) من أضعاف ذلك من ( حشو القعدان_وشحم الضأن ) ففي كرمهم هذا احترت ومن تكاليفهم خِفت ، والجميع يفعل ذلك ، وهذا فيه كلفه كما نراه نحن ، أما في عاداتهم فهو كرم أصيل ، وبصدور رَحِبَه ،وكنت تمنيت وَ ( كإقتراح ) مني بإيقاف ومنع تقديم هذه الذبائح في ( الفطور والَلطف ) بالذات ( وقطعها ) في عادات وتقاليد هذه المنطقه وماشابهها من مجتمعاتنا والاكتفاء بالبديل الخفيف للضيف من ( البر والسمن مثلاً والفاكهة ان ولابد ) ، ويكفي بما يقدمونه من تكاليف الذبائح بالوجبات الرئيسيه ،الأخرى مثل الغداء أو العشاء ، وأتمنى الاستجابة لهذا النداء وأن يوافقوني الفكرة ، ولهم الشكر والتقدير ، لأسباب أن الوقت قصير بين هذه الوجبات ، المتتالية ، والطعام كثير ودسم ، قد لا يؤكل كُلّه ، لضيق الوقت بين الوجبات المكثفة ، وفيه تكلفة ما أنزل الله بها من سلطان ! وأتوقع ليس لدى الجميع نفس القُدره الماليه ، بل مُجاهده ومنافسه بالعادات الاجتماعيه مهما كانت الظروف ، وهذا فيه ايضاً مشقة على البعض ، وكرمهم فيه عطاء بلا حساب لمسته بنفسي عدة مرات ، وهذا من جزالة الكرم والسخاء فيهم جميعاً ، وكان آخر زيارتي لتلك المحافظة في فترة أقل من شهر تقريباً حينما كُنت في زياره لأحد الأصدقاء هناك ، وحتى لايخرج هذا الكرَم الى حد الاسراف والتبذير ، اقترحت ذلك ، وتخفيف التكلفه هو الأفضل ، ومع أني تحدثت مع البعض منهم حول ذلك ، فوجدت الكرم فيهم أصاله لامحاله ، وفيهم الخير الكثير ويأخذون بالاعتبار حفظ النعمة بأكلها وصيانتها وشكرها ، ان شاء الله ، ولله الحمد والمنّة ، ولكن هذا ما رأيت اقتراحه وأردت قوله ، فشكراً أهل بيشه ، والمعذره ان لم أُعطكم حقكم من الصفات الحميده في هذا المقال البسيط ، فأنتم أوفياء بكل الصفات الجميله ، وستبقى محافظة بيشة وأهلها أُنموذجاً حياً ، في الرجولة وكرم الضيافة والأصالة ، ولهذا الإرث القديم والأصالة المُشرفة في كل مجال وحيث ما زالت بيشه باسمها ورسمها الذي عرفته العرب مُذ أيام الجاهلية فتغنى بها الشعراء وعرفها الملوك والأمراء ، حفظكم الله أهل بيشه ، وزادكم من كل خير ، وزاد هذه البلاد أمناً وأماناً وإيماناً ، وحفظ الله حكومتنا الرشيدة ، وكافة مجتمعنا السعودي الكريم ، وحفظ علينا نعمة رغد العيش والاستقرار ، وكذا سائر الأُمة .

شاهد أيضاً

قنينه تفاؤل

بقلم / علي سعد آل فردان  التفاؤل هو النظر للحياه بنظره ايجابيه وهو معقود بآمال …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com