حسّن لغتك.. يكمل علمك

في الأدب، اللغة كل شيء، وأهم شيء؛ ذلك أن الأدب كله مكون من ألفاظ تشكل مجتمعة اللغة بوصفها المادة الرئيسة التي تكونه، ومن دونها لا يكون الأدب بكل أجناسه، ومعنى ذلك أن وجود أي نص أدبي مرهون بوجود اللغة – المكونة من ألفاظ – بوصفها القوام المادي الذي يشكل القصيدة أو القطعة النثرية، كما هو الحال – مثلا – في كون الألوان مادة الرسم، أو الأصوات مادة الموسيقا، ولهذا فإن الشعر ـ مثلا ـ لغة، وليس العكس،، بمعنى أنه مكون منها، لكن أي لغة تؤدي معنى لا تصير شعرا، إلا بعد أن يستخدمها الشاعر استخداما خاصا يتحرى فيه أن تكون كل لفظة مع أخواتها مؤدية المعنى الذي يصور مراده، ومحققة التأثير الذي يبتغيه، مما يحتم عليه التروي في الاختيار، والـتأنق في التركيب، ويلزمه بأن يحرص عند اختياره الألفاظ وتركيبها على ظلال المعاني وإيحاءاتها.

ولعل هذه الظلال، واختلاف الشعراء في القدرة على استثمارها أو إيجادها من أجل إيصال تجاربهم، هي التي جعلت اللغة محور معظم الدراسات النقدية، على الرغم من أنها مُوحدة في أصول ألفاظها، أي في دلالاتها المعجمية، وهذا هو المستوى الأول من مستوياتها، لكن الألفاظ لا تبقى على استخداماتها الأولى، ولا تشيع بالقدر نفسه عند الأدباء كلهم؛ ذلك أنها تتأثر بعوامل كثيرة، تجعل بعضها أكثر شيوعا من بعضها الآخر عند أديب أو فئة من الشعراء، تجمعهم بيئة ما، أو يوحدهم اتجاه أدبي معين، مما يجعلها المدار الذي تدور أو تتحلق حوله كل الرؤى والنتائج النقدية.

أما في البحث العلمي المكتوب بالعربية، وفي خطاب الأكاديميين وحواراتهم، فإن اللغة تبقى أهم أداة يمكن أن يمتلكها إنسان، بل إنها مصدر قوة في حال الضعف، وحجة إضافية في حال نقص الحجج، فضلا عن أنها مرآة تعكس مدى وعي الفرد، وتدل على ثقافته وقراءاته التي تعكس ظلها على أسلوبه.

كل ما سبق لأقول لصديقي العزيز المتخصص في الإدارة: والله لا أعفيك من سلامة اللغة، وقد صعدت المنبر وتكلمت فينا، فحاول أن تصلح من شأن لسانك لنحترم نظرياتك الإدارية.. “طلبتك.. قل: تم”، فأنت باحث ممتاز، لولا أنك ترفع المفعول والفاعل والمجرور، وكأن العربية لم تعرف إعرابا غير الرفع!

>

شاهد أيضاً

الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة

صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل :  انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com