
بقلم / كادي آل ثنيان.
هكذا هي المجرات: جميلة رغم عشوائيتها المفعمة بالألوان، منظمة رغم فوضاها الظاهرة، ومذهلة بتوازنها العجيب! تحتوي على مليارات النجوم التي تضيء الظلام الحالك، وتشع أملًا وسط الفضاء الموحش.
قد تبدو أسماؤها غريبة مثل “مجرة دولاب الهواء”، لكن جمالها يتجاوز كل تصور. فالكون يُعلّمنا كيف يمكن للبساطة أن تتعايش مع التعقيد، وكيف يمكن للنظام أن ينبثق من الفوضى. ملايين الكويكبات الصغيرة والكواكب الضخمة تتناغم في رقصة كونية رغم الفراغ الذي يحيطها. بعضها خطير بحرارته الحارقة، أو ببرودته القاتلة، لكنها جميعًا تشترك في توازن ساحر.
عوالم وأبعاد متوازية، مجرات إهليجية وأخرى حلزونية… كل هذا يجعلنا نتأمل في عظمة الخالق الذي أبدع هذا الكون ورتب تفاصيله.
فكيف تعجب، أيها الإنسان، من امتلاكك جوانب من النور والظلام معًا؟ أليس خالق الكون، الذي يُتقن كل شيء بدقة، هو ذاته من رسم ملامح حياتك وقدر لك مسارها؟ أليس قادرًا على أن يفنيك في لحظة؟
فإلى أي جانب من نفسك ستتجه؟ وأين ستضع تركيزك؟ أخبرني: كيف ستفني حياتك؟ هل ستضيع وقتك فيما لا ينفع، أم ستعمل لما يبقى بعد موتك، ذاك الموت الذي يقترب في كل لحظة دون أن تعلم موعده؟
أنت تموت وتحيا كل يوم وأنت نائم، فلا تغفل عن حقيقة أن حتى الشيطان كان يومًا ملاكًا، وأن العدو قد يبكي يومًا على صديقه، وأن المنافق قد يسعى يومًا لرضاك. ولكن قبل كل هذا، لا تنسَ أن الله هو الأحق بالرضا، والأولى بأن تغيّر حياتك لأجله.
عسير صحيفة عسير الإلكترونية