بقلم:ابراهيم العسكري
يقول الله تبارك وتعالى (كلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين).
وقال موجهنا رسولنا صلى الله عليه وسلم: ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه..
بحسب أبن آدم اكلات يقمن صلبه فإذا كان لا محاله فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه.
قبل بضعة اعوام كنت وحيدآ في محايل عسير وخرجت من بيتي بين الظهر والعصر يعتصرني الجوع
وأفكر ماهي الوجبة المناسبه في ذلك الجو المعتدل والرائع والتي يمكن أن أعدل بها مزاجي فهناك كثير من المطاعم الشعبيه ومطاعم أخرى راقيه ولا تخلو من المطاعم السيئة وقد نبهني الكثير منها كماهو الحال في غالب القوالب .
بدأت أجول بسيارتي كي أختار فمررت بمطعم تعلوه لافتة مكتوب عليها مطعم صحي.
استوقفتني اللوحه وفكرت قليلآ ثم أجبت نفسي أكيد أنها اكلات بلا سعم ولا طعم ومعدتي تحدث عقلي وتقول ارحنا من الخرابيط وابحث عن أكلة معتبره ومليئة بالفتمنة التي تمخمخ البطن والرأس والخاطر.
فذهبت لمطعم آخر ولا ننسى دائمآ أن نشكر الله على نعمه بأن في متناولنا كل مالذ وطاب وفي أي حين.!
أخيرآ استطعت أن أثبت الأختيار لأحد المطاعم الشعبيه التي أكد لي العاملون بها أنهم يجلبون السمك لها يوميآ من البحر وعندما رأيت الأسعار لديهم مبالغ فيها قلت أكيد أنهم صادقين لأن السمك الطازج غال مقارنه بالمبرد والمثلج.!
فأسرفت في الطلب لأني كنت جائع وطلبت نوعين من السمك وقليل من الربيان وإيدام مشكل بالفرن وصحن حلبه وآخر سلطه وقرصين من الخمير ولم أنس السليط(زيت السمسم) وقلت لعلي أجعل هذا اليوم مفتوحآ في الأكل فأضفت للطلب واحد سفن أب الذي طالما انحرمت منه كثيرآ وغيره من المشروبات الغازية ذات الضرر بغير نفع .!
أكملت طلباتي وسدادها ثم تنحيت جانبآ في إحدى جلسات المطعم لأنتظار الطهي.!
كانت جلسات بدون حواجز فكان على يميني اثنان من الشيبان أشعر حينها أنهما تجاوزا عمري بعقد او يزيد.!
بادراني أن أحل على سفرتهما ضيفآ فشكرت لهما واعتذرت بحجة أن طلبي في الطريق اليء.!
في الجهة اليسرى أيضآ اثنان من إحدى الجاليات العربيه أوشكا على الانتهاء ولكنهما يأكلان ببطء.
طال انتظاري فأصبحت أسترق ممن حولي النظرات وهم يأكلون فأسمي على الشيبان فهما يأكلان بحماس وسوالف مبهرة دون تشفير أو أي مراعاة لذلك الكائن الجائع المنتظر فرج الله حواليهم.!
انصرفوا كلهم بعد الأكل ثم أحضر لي عامل المطعم الأكل الشهي وأنا على شوق من الجوع ومن آثار التهام الشيبان لأكلهم بالعافيه فقد فتحت شهيتي.!
أكلت ولا أدري هل سميت أم لا.!
كلما أحسست بالشبع تذكرت الشيبان الذين كانوا بجواري ويأكلان بحماس لدرجة أنني اتخيل أصوات الأضراس من شدة الافتراس.!
فخاطبت نفسي مشجعآ لها افترس يا وحش وواصلت مقلدآ لهما حتى أذن لصلاة العصر وأغلق المطعم وأقفلت الستاير فقالوا بالعافيه على مهلك ولا تستعجل فسررت وتمهلت ولعلهم رأوني آكل بشراهه.!
عندما انتهيت تمنيت لو منحت فرصه للنوم مكاني.!
خرجت من المطعم واتجهت لذلك المسجد لأداء صلاة العصر وشعرت حينها بأن الوقت طويل جدآ بين الأذان والإقامة ثم زاد بالوقت ذلك الأمام بينما الوقت طبيعي جدآ ولكن من ضرب الخمس إلى زرار الثوب كان لزامآ دفع الثمن لاحقآ.!
مع قدوم المساء حلت التخمة والخمول والفتور التي خلفتها التعبئة الزائدة فلعبت دورآ بارزآ في نظام المعدة فأشعرتني بالنعاس ورغبة شديده للنوم.!
عند خروجي من المسجد قابلت شخصآ أعرفه ويعرفني جيدآ حاولت أن أفتح له ابتسامة ولكن يبدو أن ملف الابتسامات لديء كان معطلآ لاعمال الهظم هو الآخرفتوادعنا بخجل وعلى عجل.!
يبدو لو قابلت شخصا آخرا ذو معرفة لأحتقرت بالعبرة فقد بدأت الموازين تختلف.!
ذهبت لبيتي وأنا في تأنيب للنفس لماذا كل هذا الإكراه والإسراف في تناول الطعام وأقول لنفسي الأمارة هل أنت صاح أم خبل يا رجل أستح على وجهك إش بقيت للشباب أنتبه ولا تكرر ذلك ابدآ.!
لا أراكم الله مكروهآ فأنا أصمت قليلآ ثم اخاطب نفسي واقول بصوت خافت غير مسموع طيب والله ماعد أعيدها.!
وصلت البيت وحاولت الأسترخاء لكن الأمعاء صاحت تقول كفانا ضغطآ يا رجل.!
حاولت المشي على هون رغم المعوقات فلم أستطع.!
بقيت على هذا الحال حتى منتصف الليل وبدأت أركز وأتحسن وقلت في نفسي علها الحنش من علها(يعني قرصه الثعبان من كررها)
لعلي أختم بعجالة سالفة لزميل لي رحمه الله يقول استودعني أهلي في بداية التسعينات الهجريه مع شايب من أعيان قبيلتنا وكان السفر من ابها إلى الطائف عبر شاحنة نقل كبيره برآ ولمدة يومين بلياليها وعندما نزلنا لتناول طعام الغداء وكانت وجبة شهية وبعد رحلة مضنية فقال لي ذلك الشايب رحمه الله كل بالهون ولا تحشى
يقصد( لا تملأ بطنك بما يضايقك)فامامك درب طويل .
يقول فأخذت برأيه ولم أشبع ثم يضيف واصلنا مسير السفر المرهق وبعد ساعات وإذا ببعض الركاب ممن حشو على قول شايبنا يصيحون للسائق بالتوقف حتى أن فيهم من استفرغ في السياره فقال الشايب المحنك نعم هذه تالية الحشو
يا مغفل يالبعيد لم يكتفي بذلك بل الحق به ما يستحق لانه سبب لهم ازعاجآ في مكان ضيق محدود.!
صدق من علمنا وقال: نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع.!
اوصانا المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال:(ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لابد فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه)
ومضة :
في نظري قنن ولا تحشى في كل شي الا في طاعة الله وحسن الظن به وحده جل وعلا شأنه.
اضحكتني اضحك الله شفاتك ولكن اضرب بالخمس ولا تبالي فالحياه مره واحده فقط ههههههههههه